روايه بقدر الحب نقتسم بقلم فاطمه علي

موقع أيام نيوز


نحو تلك البئر السحيقة من الذكريات الأليمة.
نهضت مريم من مقعدها بجسد متقلص وقلب استوطنه الخۏف والتوتر إلا أن أحداقها لم تبالي بكل هذا فقد استقرت بأحداقه بلقاء غامض ربما تحاول به سبر أغواره أو إمدادها بمزيد من الخۏف والهلع كما كانت نظراته الأكثر غموضا بتلك الغرفة نظرات مبهمة معانيها ومراسيها أهي سكنت وطنها أم ما زالت تجول للبحث عن مرادها

ولج يحيي إلى المكتب منضما إليهم بابتسامة أكثر جاذبية زادته وسامة بطابع الحسن المزين لذقنه الحليقة وبشرته السمراء اللون وأعينه البنية أما جسده الرياضي بشكل عجيب علي موظف مثله أو لربما كان من نمط الرجال المهوسين بلياقتهم البدنية بينما نهض محمد هو الآخر من مقعده مستديرا حول مكتبه حتى بات على بعد خطوة واحدة من كلاهما مرددا بابتسامة واسعة وهو يرمق ابنته 
ده يحيى يا روما شريكي الجديد بالمكتب.
والټفت بنظرته نحو يحيي مكملا وهو يجذب ابنته إلى جانبه محاوطا إياها بذراعه بقوة 
ودي مريم بنتي مدرسة فرنساوي في المدرسة الخاصة اللي في الشارع اللي 
ورانا.
ازدادت ابتسامة يحيي اتساعا وهو يردد بحفاوة وترحاب 
أهلا بيك يا أستاذة مريم.
مسلوبة الإرادة وهي تومئ له برأسها بمعالم مرتبكة تشبثها بقميص والدها وعبق أمانه الذي بدأ يتسلل إلى شرايينها وخلاياها أخمد توترها كثيرا لتقترب من والدها هامسة باستجداء خاڤت 
يلا نمشي من هنا يا بابا.
طوف معالمها بنظرته الحانية وهو يشدد على كتفها برفق مرددا 
هجيب حاجتي ونمشي.
لم تجاوبه بأحرفها فأقدامها اقتادتها إلى الخارج بهرولة قوية وهي تضم حقيبتها إلى صدرها بقوة.
بينما الټفت محمد نحو مكتبه ملتقطا متعلقاته الشخصية من جوال و جراب لنظارته الطبية وحافظة نقوده مرددا بجدية وعملية 
أنا خلصت شغل يا يحيي يا ابني بس لو محتاجني في حاجة ممكن أستني معاك 
استند يحيي علي طرف المكتب عاقدا ساعديه أعلى صدره مرددا بابتسامة ودودة 
ألف شكر يا عم محمد نص ساعة كده وأخلص أنا كمان اتفضل إنت عشان ما تتأخرش على الأنسة مريم.
غادر محمد المكتب بينما استدار يحيي حول مكتبه ليكمل ما تبقى له من أعمال.
أما بالخارج.
كانت مريم تهرول نحو سيارتها المتواضعة بلهاث قوي كمن يركض بغابة من الضباع التي تلاحقه بإصرار صياد على قنص فريسته. فتحت باب سيارتها واستقلتها بارتباك وتوتر محركة كلتا يديها أمام وجهها لتهويته وخفض حرارته مرددة بحنق شديد 
اهدي يا روما اهدي هو فعلا راجل مش مريح ونظراته توتر بس اهدي على الأقل عشان بابا. 
وفتحت حقيبتها ملتقطة زجاجة مياة باردة وارتشفت منها القليل بتنهيدة قوية.
لتجد من يستقل السيارة إلى جوارها بابتسامة واسعة مرددا بمشاكسة 
جيتي ليه بقا يا ست روما! إنت المفروض عندك حصة كمان.
استدارت نحوه بجذعها وهي تردد بجديتها الدائمة 
استأذنت النهاردة بدري قولت أعزمك على فنجان قهوة في أي كافيه.
ضيق محمد عيناه بدهشة وأردف مستنكرا 
أستاذة مريم محمد تستأذن بدري!! دي أول مرة تحصل في التاريخ دا أنا ساعات بحس إنك بتحبي شغلك أكتر مني ومن والدتك وأختك.
أدارت مريم مفتاح سيارتها محركة عجلة القيادة وهي تردد بنبرتها العملية مش معنى إني بحب شغلي وما بتأخرش عليه يكون عندي أهم منكم.
دقائق قليلة وكانت تجلس مريم قبالة والدها بأحد المطاعم النيلية تحتسي قهوتها بشرود عميق بتلك المياه الهادئة كحالتها الآن لينتشلها والدها من شرودها بكلمات هادئة 
إيه رأيك في المكان يا روما مش أحسن من الكافيهات بتاعت الأيام دي
انتبهت بأنظارها إليه واضعة قدحها أعلى الطاولة مرددة بثبات هادئ 
فعلا المكان حلو قوي مريح للأعصاب وللعين كمان.
استرخى محمد بمقعده بزهو متحدثا أول مرة خرجت أنا ووالدتك فيها جبتها هنا على نفس الكرسي اللي إنت قاعدة عليه ده.

استقرت أنظارها بأعين والدها تتلو ما خط بها من عشق نابض لتتنهد بهدوء مرددة برجاء 
ربنا يخليكم لينا يا حبيبي. 
انفرجت ابتسامة بتعجب مرددا 
لسه العادة دي فيك!
أماءت برأسها قليلا وهي تردد بثبات جادي 
مش عادة يا بابا دي هبة من ربنا مدهاش لأي حد.
لتسري رجفة خفيفة بجسدها حينما تذكرت طلاسم عيناه التي فقدت القدرة على فك شفرتها لتردد بتساؤل حذر 
مين يحيي ده يا بابا
اتسعت ابتسامته وهو يتذكر شهامته معه مرددا 
يحيى ده أجدع راجل ممكن تقابليه في حياتك شاب شهم وكريم وطيب ومخلص في شغله جدا.
ضيقت مريم عيناها بتعجب مرددة باستنكار 
إيه ده كله يا بابا! لحقت تعرف كل 
الحاجات دي في أسبوعين بس.
اقترب محمد من ابنته مداعبا وجنتها بمشاكسة قائلا 
لو كنتي إنت بتعرفي تقري عين اللي قدامك وبتسميها مستودع الأسرار فأبوك بشيبته دي يعرف يقيم اللي قدامه من أول نظرة .
اتسعت ابتسامتها والتقطت يده لتقبلها بتقدير واحترام كبير مرددة بفخر أكيد طبعا يا حبيبي يلا بقا
 

تم نسخ الرابط