رواية أمبراطورية الرجال بقلم رحاب ابراهيم
المحتويات
مواقع العمل ثم جلس يوسف امام مكتب حميدة قائلا _ كويس أن سما جت الشغل وفكرة كويسة انها تحضر فرح سمر معانا حتى ___ قاطعته حميدة بنظرة حاسمة سما مافيهاش حاجة يا يوسف انا مش عارفة انت محسسني أنها مريضة مثلا !! قال يوسف بابتسامة مش مهم...المهم في ده كله أني هقعد معاكي شوية لوحدنا... قالت حميدة جملتها لتغيظه لما أبويا يوافق الأول ابقى احلم رفع يوسف يديه بوضع الدعاء وقال يارب ياعم سمعة توافق يارب.. ترك آسر السيارة إلى حاسر حتى يذهب بها لموقع العمل فرمقه جاسر وهو يقف بالطريق أمام المبنى...وقال طب تعالى اوصلك ...أنت رايح فين ! هز آسر رأسه بشرود ذات التيهة بعينيه لم تهجره وأجاب _ ساعة وهرجع الشغل...خلي العربية معاك انا عايزة اتمشى شوية... وافق جاسر وذهب بالسيارة ومعه جميلة التي لم تغفل عن تعابير الحزن التي تملأ عين آسر.... انتظر آسر حتى ذهب جاسر بالسيارة وتنهد بعمق....تنهيدة تنتحب من الألم والحزن الذي وقع بهما....لازالت العلبة بين يديه هديتها له !! كأنها شيعت جنازته بمجيئها اليوم بهذه الابتسامة.... اكانت تحبه ! أم كان وهم مثلما اعتقد هو !! اكان يختبرها ! أم أراد ابعادها عنه حتى لا تحزن !! في النهاية النتيجة واحدة...يعشقها.. شعر ببعض الفضول كي يكشف عن هديتها...أو بالأصح عن ما تقصد خلفها...فربما وجد الإجابة... بدأ يفك الشريط الذهبي عن العلبة...تفاجئ بوجود علبة صغيرة داخلها...وبجانب العلبة الصغيرة يوجد غلاف جلدي اسود مخصص للهواتف...ما كان سيلاحظ ما المغزى منه سوى عندما طالعه بدقة ليرى كلمة باللغة الانجليزية...The End النهاية ضيق عينيه على هذه الكلمة بمرارة وبدأ يفهم المعنى...ثم فتح العلبة الصغيرة ليجد ساعة لمعصم اليد....لابد أنها دفعت مبلغ ليس قليل لتلك الهدية...رفع الساعة أمامه ليتفاجئ أنها تحوي على خاصية التقويم....ولكن ما فاجئه هو ذلك التاريخ المثبت بها.... هذا التاريخ يعود لأكثر من شهرين...تحديدا أول يوم عمل...أول يوم التقت به...ربما قصدت أن تفعل ذلك عن قصد...لتخبره أنها تركت له البداية والنهاية معا....تركت كل شيء...خسارة قلب فادحة... امتلأ الشرر العاصف بعينيه وقرر أن يعود اليها...لربما صفعها ولربما صاح وصړخ بوجهها....ولربما عانقها.... حاولت أن تغض التفكير عن رد فعله....على يقين أنه سيفهم رسالتها....آخر ما يعنيها معه هي تلك النتيجة... فتح باب المكتب بعصبية كبيرة والقى الهدية على الطاولة أمامها بنظرة شرسة...رفعت نظرتها ببطء متعمد...كأنها لا تبالي...وهي جدا تتألم سرا...ما أسخف من إخفاء الألم والدموع...التظاهر باللاشيء وكأن القلب لا ېصرخ!! تشابكت نظرتها المتحدية بثقة عالية بنظرته العڼيفة الغاضبة...تحدث بنبرة الهدوء ما قبل العاصفة _ تقصدي إيه بالضبط بالهدية دي !! نظرة للعلبة التي يبدو أنه جعلها اشلاء والى الساعة والغلاف الجلدي للهاتف وابتسمت قائلة أهاديك !! هو عيب أني اجبلك هدية بمناسبة خطوبتك يا باشمهندس ! وأنا اللي افتكرت أنك جاي تقولي رأيك فيها ! زعلت !! استفزه أكثر ابتسامتها وهدوئها وصاح تاريخ بداية شغلك والنهاية على كڤر الفون....ملعوبة...وصلتني رسالتك بس خليكي فاكرة أنك ماضية عقد... انكمش حاجبيها وتصنعت عدم الفهم أنا مش فاهمة ايه اللي معصبك للدرجادي ! لو الهدية مش عجباك هغيرها رغم أنك قطعت العلبة بتاعتها ومش عارفه هرجعها أزاي دلوقتي !! ده انا صرفت فيها كل اللي محوشاه بس مش خسارة في حضرتك انا بعتبرك أخويا الكبير... ضيق عينيها پصدمة...ماذا قالت !! لا...لا يعقل أنها تعني ما تقول !! أشار لنفسه قائلا بذهول بتعتبريني أنا...أخوكي الكبير!! أرضاها بشدة صډمته...شعرت أنها اصابت الهدف بقوة...هزت رأسها بتأكيد وقالت _اكيد طبعا أخويا الكبير...اومال كنت بستحملك ليه الفترة اللي فاتت لو مش اعتبرتك كده !! عموما أنا هغير الهدية ولا تزعل نفسك وعايزة اعترفلك بقى أني وصيت على هدية لخطيبتك وأن شاء الله تكون جاهزة في الخطوبة..... هز رأسه برفض واستنكار قائلا پصدمة مستحيل !! مستحيل تكوني أنتي سما اللي واقفة قدامي !! نظرت للحاسوب أمامها وتابعت العمل وهي تجيب بلا
مبالاة _ اديني سبب واحد لدهشتك دي !! سيبني اكمل شغل بعد اذنك عشان اخلصه بسرعة... تابعت العمل وتركته يقف بغليان الڠضب ولم يحسب تصرفاته
واللي انت عملته دلوقتي ده نتيجته أني همشي من هنا بشكل نهائي والعقد اللي معاك بله وأشرب مېته...انا ما اقبلش اشتغل مع واحد قليل الادب وساڤل ومش محترم زيك... أخذت حقيبتها وخرجت من المكتب تحت نظراته المذهولة....ظل للحظات صامتا بجمود حتى بدأ يدفع كل ما تطاله يداه... خرجت سما من المكتب ومرت بمكتب حميدة التي لاحظت ڠضبها بقلق وهتفت بها...ولكن سما وكأنها لم تنصت لأحد.... بالطريق.... كانت تسير وكأنها غائبة عن الوعي...فقط تتحرك...كيف يستطيع المرء أن يشعر بالهزيمة والانتصار بذات اللحظة ! أن يكن يتنفس ولكن به شيء لفظ أنفاسه الأخيرة ! جلست بأتوبيس شعبي...كان خاليا وحمدت ذلك...حتى اجهشت بالبكاء وظهر ضعفها والمها....لم يكن الفراق هو مصدر الألم بل طوق النجاة من رؤيته مع أخرى...ولكنها رغم ما قالته وما فعلته...تعترف بالهزيمة أمام نفسها...ادركت أن دموعها هذه ستكن الأخيرة....ربما الالم يخطي خطوته الثانية وهي الصمت...جمود الروح بأنفاس تحيا... ربما تستطيع نسيانه ذات يوم...ربما !! مال رأسها على زجاج النافذة المستطيلة...وجفت الدموع بالصمت...انتظرت دقائق حتى بدأ يأتي الركاب دفاعا...تفاجئت بيد تربت على كتفها...كانت حميدة...قالت باستياء _ انا مابقتش فاهمة حاجة....لا فهماكي ولا فهماه !! ده بيدور عليكي زي المچنون مصمم ترجعي...العقد اللي مضيناه يلزمنا بسنة شغل...مش عارفة الأمور هتوصل لفين !! اجابت سما وكأنه كبرت بالعمر فجأة...هجرها ذلك المرح بعينيها وقالت _ مش راجعة...أنا مشيت بكرامتي...مشيت بعد ما رديتله القلم اللي ادهولي...كفاية اللي فات عليه....مايستحق لحظة تفكير تاني في اللي جاي... جلست حميدة بجانبها وقالت ببطء مؤلم _ مش قادرة أقولك أنك غلط بس مش عايزاكي تفضلي في الحالة دي كتير ارجعي زي ما كنتي وكملي حياتك كأنك ما شوفتهوش... هزت سما رأسها برفض _ مش هعرف أنسى اللي حصلي....بس بصراحة انا كنت استاهل عايزة افضل فاكرة عشان ما ارجعش العبيطة بتاعت زمان... حميدة بتساءل وقلق هتعملي إيه دلوقتي تنهدت سما بكل قوتها واجابت هدور على شغل تاني...بداية تانية مع ناس تانية....وسما تانية.. ادمعت عين حميدة برجاء بس أنا مش عايزة سمكة تتغير !! سما بسخرية مريرة طب يرضيكي أن ده يحصلي تاني ! الناس مابترحمش الطيب...بيوجعوه كأنهم حالفين يخلوه شبههم بس الطيب لما بيتغير بيبقى زي العود اللي ۏلع في كوم أش.... حميدة پألم في يوم هتقابلي اللي يرجعلك روحك من تاني... صمتت سما وعادت النظر إلى النافذة...لا تعرف ما ينتظرها ولكنها بكل الطرق لا تريد رؤيته حقا... بغرفة السطوح هتفت رضوى بغيظ لسقراط وقالت _ أنا مش قلتلك خليك هنا على ما ارجع من السوق !! البت راحت فين ! تطلع سقراط حوله بقلق ثم أجاب _ كنت في الورشة بساعد أبويا في حاجة كده واتأخرت هروح اقلب الدنيا لحد ما الاقيها... كاد سقراط أن يركض للأسفل حتى تفاجئ بعودة حميدة مع سما...دهشت رضوى قائلة بعدم فهم في ايه ! قال سقراط بحدة كنتي فين ياهانم !! أشارت حميدة له بتحذير وقالت _ روح أنت دلوقتي وقول لأبويا مايمشيش بعد الغدا عشان عايزاه... مط سقراط شفتيه بغيظ ثم ذهب.... كررت رضوى سؤالها فجذبتهم حميدة للداخل..... بعد مرور دقائق..... هتفت رضوى قائلة بت راجل يابت....والله جدعة ده انا كنت ھموت واعمل كده امبارح...بس يارب تكوني قويتي وانتي بتضربيه... قالت سما بتيهه قويت...قويت لدرجة مخوفاني ربتت حميدة على يدها وقالت بحنان _ قومي خديلك دش كده وفوقي على ما نحضر الغدا يا سمكة انا اخدت اجازة النهاردة من يوسف لما شوفت خارجة...وحتى بكرة مافيش شغل عشان فرح قريبتهم...صحيح كنت هنسى... يوسف وجاسر عايزينا انا وجميلة نروح معاهم الفرح والعروسة بنفسها عزمانا...بس أبويا مش هيرضى الا اذا قلتله اننا كلنا رايحين مع بعض...ساعتها هيطمن أكتر.. نظرت سما لحميدة بحدة فقالت حميدة بتوضيح اللي عرفته أن آسر مش رايح جاسر قال ليوسف كده...عشان خاطري وافقي يا سمكة حتى تغيري جو... قالت سما وهي تنهض لو عم سمعه وافق هروح معاكم...بس مش هنتأخر قالت حميدة سريعا كلها ساعة زمن مش اكتر...هنروح ونرجع تاني على طول... بمكتب آسر وقف رعد ينظر لآسر بمزيج من الڠضب والشفقة حتى انتهى يوسف من تطهير
الچرح الذي لحق بيد آسر إثر دفعه لكل ما أمامه حتى جرحت يده بشظايا متكسرة لزهرية ورد زجاجية... وقف يوسف قائلا بمحاولة ضبط عصبيته من تصرف آسر الثائر وقال _ دي نتيجة تصرفك يا آسر ما تلومش حد على اللي حصل غير نفسك.. نظر آسر بنظرة تتمثل بالجمر اذا اشټعل وقال پعنف _هترجع ڠصب عنها مش بمزاجها تمشي هتف يوسف بعصبية كفاية بقى يا آسر لحد كده كفاية اللي عملته فيها !! أنا مابقتش فاهمك !! أنت عايز تبعد عنها ولا عايزها جانبك !! تصرفاتك كلها عكس بعض !! أغمض آسر عينيه پألم ولم يجيب...فكيف يجيب وهو ذاته تائه ولم يجد قارب النجاة... قال رعد بلطف وضيق لأجله _ بس أنا فاهمك...أنت عايزها جانبك لحد ما تلاقي نفسك بتبعدها بس مش عايزها تبعد عايزها تتمسك بيك عشان تثبتلك أنها بتحبك بجد ومش هتسيبك...بس هي معذورة برضو... نظر له آسر بمرارة وألم _ معذورة!! اعترفتلي بنفسها أني زي أخوها الكبير طول الفترة اللي فات ولحد النهاردة وتقولي معذورة !! نفس الكدب والخداع كلهم كده كلهم كدابين ومعندهمش رحمة...لايمكن تكون حبت وتقول كده !! رعد بضيق اللي انت عملته مش شوية ماتفكرش في رد الفعل فكر في الفعل نفسه اللي خلاها تعمل كده !! قال يوسف بتفكير في فرصة تانية تتكلموا فيها...هي ممكن تحضر بكرة فرح سمر مع حميدة وجميلة وده اذا ابو حميدة وافق حاول تتكلم معاها... هز آسر رأسه رافضا مكنتش ناوي احضر بعد ما اتكلمت مع شاهي امبارح بعد الخطوبة بس دلوقتي أنا هروح...وشاهي هتكون معايا هحسسها باللي حاسه مش هعديهالها بالساهل...هعرفها أزاي تمشي.. بحلول المساء باليوم التالي.... بقصر الزيان تخلصت للي أخيرا من قبضته وابتعدت ضاحكة وهي تضع احمر الشفاه من جديد أمام المرآة بعدما تهيأت لحضور زفاف سمر مع زوجها....قال بغيظ مش هنتأخر كتمت ضحكتها وهي تعاين استواء الملمع على شفتيها وأجابت اوك زي ما تحب.. جذبها اليه وقال بمكر وابتسامة تتراقص على شفتيه
متابعة القراءة