رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود

موقع أيام نيوز


والذي تبعه اعترافها بنفورها من لمسته وكرهها لا يعرف لما أحسها حقيقية ! .
قرأت هي معالم الحيرة الممزوجة ببعض الضيق على وجهه فاخفضت نظرها لأسفل تجده يسحب يده ببطء تاركا يدها عادت ورفعت نظرها له تتطلع إليه بصمت للحظات عابرة تتلاقي فيها أعينهم معا .. هو يبحث عن أشارة تأكد له تكذيب الكلمة وهي تدقق النظر في عيناه بتعجب من نظرة الخيبة الظاهرة بهم كطفل كان يصدق حقيقة ويأمل في تحقيقها وحين لم تسير السفن كما تهوى نفسه خاب أمله ! .

شدت على محابس دموعها التي تجمعت بعيناها وردت عليه بجفاء امتزج بثباتها المزيف 
_ متقربش مني تاني لأن اعتقد مفيش حد فينا حابب يجرح التاني .. ندمك مش هيغير الحقيقة ياعدنان حتى لو أنا مقدرة ده ومتقبلة ندمك اللي متأخر .. مش هيغير حقيقة تهميشك ليا ولا حقيقة إنك إنت وبابا اعتبرتوني صفقة هو باع وإنت اشتريت .. وكمان مش هيغير أهم حقيقة وهي إنك مبتحبنيش
أبدا لم ينظر لها على أنها صفقة .. قد يكون اشترك حقا في تلك المؤامرة القڈرة ضدها .. لكنها دوما كانت زوجته قبل أن تكون أم ابنته .. ظهرت ابتسامة مريرة على شفتيه متمتما بنظرة تلمع بوميض مختلف 
_ بس غيرني أنا .. وده كافي إنه ممكن يغير كل اللي قولتيه دلوقتي
بادلته الابتسامة بأخرى مستنكرة ونبرة بائسة 
_ معتقدش
ثم استدارت وسارت لخارج الغرفة وتركته يمسح على وجهه وشعره متأففا بخنق وعدم حيلة .. ! .
كانت تمسك بيدها كوب اللبن الصباحي الخاص بها .. وتجلس بحديقة المنزل تنقل نظرها بحركة تلقائية في كل جهة لكن عقلها شارد بمكان آخر .. جذبها من شرودها صوت باب المنزل وهو ينفتح فحركت رأسها باتجاهه لترى حاتم يخرج منه ويتجه نحوها بخطواته الثابتة .. اشاحت بنظرها عنه وتصنعت عدم ملاحظتها له ادرك هو تجاهلها له عمدا فتنهد بخنق واستمر في الاقتراب منها حتى جلس على المقعد المجاور لها هامسا 
_ صباح الخير 
رفعت كوب اللبن لفمها ترتشف منه ثم تنزله وتجيب بمضض دون أن تنظر له 
_ صباح النور 
شرد للحظة بها عندما رآها ترتشف من كوب اللبن برقة وشعرها البني يغطي نصف وجهها ونصفه الآخر منسدل على ظهرها بانسيابية وتتطاير منه خصلات قصيرة بفعل نسمات الهواء الناعمة .. هز رأسه بحركة نافرة حتى يستيقظ من تأثره اللإرادي بها وغمغم يعتذر للمرة الثانية 
_ نادين إنتي لسا زعلانة مني ! .. والله مقصدش أنا آسف فكيها بقى وابتسمي في وشي 
نادين باقتضاب دون أن تنظر له 
_ ماني زعلانة 
حاتم رافعا حاجبه مستنكرا ردها 
_ طيب بصي في وشي الأول حتى وقولي إنك مش زعلانة عشان اصدق 
التفتت برأسها تجاهه وغمغمت بابتسامة صفراء 
_ مش زعلانة ياحاتم موضوع وانتهى خلص .. ما بعتقد أنه يستحق اننا نزعل من بعضنا مشانه 
رد بضيق ملحوظ على معالم وجهه 
_ حقك عليا أنا آساسا بني آدم سخيف والله .. وعد من هنا ورايح هخلي بالي في كلامي عشان اللي حصل ده ميتكررش تاني
علقت بتعجب وبعض الحدة 
_ شو هاد .. ليش إنت ناوي تكرره مرة تاني مثلا ! 
حاتم موضحا لها قصده ببساطة وهو يهز رأسه بالنفي مسرعا 
_ لا قصدي متزعليش مني تاني يعني 
لانت نظراتها الحادة والتفتت بوجهها للجهة الأخرى تخفي ابتسامتها الخجلة وهي تجيب بخفوت 
_ أي خلاص .. حصل خير ماني زعلانة عن جد 
ابتسم باتساع وفجأة وثب من مقعده للأريكة يجلس شبه ملتصقا بها ويتمتم بغمزة مشاكسة 
_ عن جد عن جد يعني ولا نص نص
انتفضت بفزع بسيط وحدقته مدهوشة لثواني قبل أن ترتفع قسمات الحزم لوجهها وهي تهتف 
_ حاتم شو عم تساوي بعد هيك عني وارجع لكرسيك
لم يزيده ڠضبها إلا اتساعا في ابتسامته وهو يوميء بإيجاب مغمغما 
_ تمام أنا كدا اتأكدت أنه عن جد فعلا 
حدقته شزرا بغيظ وهبت واقفة تسير باتجاه باب المنزل مسرعة لكنها هدأت من سرعة خطواتها حين سمعته يهتف بخبث 
_ جهزي نفسك عشان في خطوبة واحد صاحبي بكرا وعازمني ومش حلوة اروح وحدي 
استشاطت غيظا منه هو حتى لا يسألها عن رأيها بل يتحدث بلهجة آمرة وبكل ثقة .. التفتت برأسها له تهدر بعناد وغيظ تتحدث اللهجة المصرية 
_ مش هروح 
ثم التفتت مرة أخرى وأكملت خطواتها بينما هو فغمغم مغازلا إياها بعد أن انتبه لثوبها الأصفر 
_ هتروح ياجميل يا أصفر إنت 
توقفت وقد اشتعلت من الغيظ والڠضب حقا فلمحت على الأرض حجرا صغيرا لا يؤذي لكنه سيرضى غيظها منه استدارت بجسدها نحوه والقت بالحجر عليه هاتفة 
_ هاد مشان تحترم حالك ياوقح 
كاد أن يصيبه الحجر لولا أنه تداركه على آخر لحظة وتفاده برأسه الذي ماله بها
 

تم نسخ الرابط