رواية ندوب الهوي بقلم ندا حسن

موقع أيام نيوز

من هذا ألا يكفي ألا يكفي ليجعلوها تتذكر ذلك الحقېر الندل الذي جعلها ترى أبشع الأشياء على يده..
أكملت والدة جاد ناظرة إلى مريم بابتسامة متسائلة عن أحوالها في وجود طفل داخل أحشائها
قوليلي عامله ايه يا مريم في الحمل.. كويسه يا حبيبتي
رفعت مريم بصرها إليها من على الطعام قائلة
الحمدلله بخير
الجميع يأكل بصمت وهم الاثنين استلموا هذه الأحاديث ولن يصمتوا الآن زفرت هدير بهدوء وهي تستمع إلى زوجة عمه تهتف بحيرة تتسائل
بس مش عارفة بقى يا أم جاد هتروح الكلية إزاي
أردفت مريم بعد أن تركت الملعقة من يدها ونظرت إليها بجدية قائلة ما قررت فعله هي وزوجها معا
لأ ما أنا اتفقت مع سمير إني هأجل السنة دي
ابتسمت والدته بهذا القرار فهي كانت تريد لها الراحة حتى تلد بسلام ولا يسير التعب بجسدها
والله زينة العقل يابنتي كويس علشان متجهديش نفسك
استمع جاد إلى والدته تقول بتمني موجهه حديثها إلى زوجته
عقبالك يا هدير يا حبيبتي
ترك هو الآخر الملعقة من يده ونظر إليها بجدية شديدة ثم عاد ينظر إلى والدته من بعدها قائلا بتساؤل ساخرا
ايه هو انتوا متعرفوش
أكمل تلك السخرية التي استغربها البعض وهي الوحيدة التي تعرف سببها ناظرا إليهم واحد تلو الآخر
معلش أنا ناسي إني لسه عارف أنا كمان... هدير حامل
قال آخر كلمتين ببرود تام وملامحه حادة لا تظهر الفرحة بل كانت جامدة جامدة بشكل لا يوصف ولم يعبر عن فرحته ك يوم معرفة خبر حمل زوجة أخيه..
هتفت والدته بحماس وعينيها متسعة پصدمة تريد التأكيد على هذا الحديث
بجد والنبي صحيح حامل!
حرك رأسه بخفة يبتسم بسخرية
وأنا هكدب يعني يا أم جاد
صاحت بقوة وهي تقف على قدميها تلتف حول الطاولة لتصل إليه وإلى زوجته
يا ألف نهار أبيض دا يوم المنى يا أخواتي
أقتربت منها وهي جالسة ومنعتها من الوقوف تقبلها من وجنتيها الاثنين ووجهها ينطق بالفرحة العارمة والسعادة الأكبر بحياتها توجهت إلى ابنها هو الآخر والذي وقف لأجل والدته تعانقه بحرارة مبتسمة تهنئه بذلك الخبر..
أردف والده بابتسامة وقلبه يرقص فرحا لأجل ابنه ولأجل نفسه ولكنه مازال على الثبات
ابتسم الجميع والقوا عليه المباركة والتهنئة هو
وزوجته بابتسامات فرحة سعيدة تظهر عليهم من أول صغيرهم إلى كبيرهم ولكن هذه الفرحة لم تكن على وجه جاد وزوجته بل كانت ابتسامه مصطنعة تظهر فقط عند النظر لوجه أحد منهم..
نظرت مريم إلى شقيقتها التي اخفضت وجهها على سفرة الطعام وكم يظهر عليها الحزن الهدوء الغريب ونظراتها غير المعتادة وقد تغيرت مئة وثمانون درجة حقا لم تكن هكذا فهي كادت أن ترقص من فرط السعادة..
حقا تستغرب أكثر شيء أنها لم تكن قالت ل جاد كيف فعلت هذا لما لم تقول له أنها حامل بطفل منه وهي تعرف أنه ېموت ليسمع شيء كهذا!..
رفع بصره عليها ليراها تقلب في الطعام بالملعقة ووجها شاحب وحزين هذا ليس بيده بل هي

من فعلت كل ذلك وهو من عليه الحزن والإبتعاد ليست هي بالمرة..
وفي نفس الوقت يصعب عليه تكملة مشوار البعد هذا الذي ارهقه وقطع ما داخله إلى أشلاء لقد كان مقرر القرب إلى درجة لا توصف كيف حدث كل هذا!..
في المساء
كانت انتهت جلسة العائلة الطويلة المليئة بالمرح والسعادة والإجابات العفوية النقية من الجميع ما عدا اثنين نعرفهم جيدا تلقى هو وزوجته المباركات والجميع فرح بقدر لا يوصف لأجله ولأجل قدوم طفل آخر على العائلة يأتي إليهم بالبهجة والرزق والسعادة.. طفلين معا في طريقهم إلى عائلة أبو الدهب! هذا كرم
كبير من الله ورزق لا يقدر بثمن أبدا..
عادوا من منزل والده وتوجه إلى التلفاز منذ أن أتى لا يتحدث معها ولا يقوم بأي شيء يدل على أن معه أحد في المنزل من الأساس وقف مرة وتقدم يفعل كوب شاي إلى نفسه دون حديث يفعلها دائما تعرف ولكن هو الآن غير مرة أخرى يتقدم ليأتي بالماء ووضعه جواره..
مرة يرفع الهاتف يتفقد ما به ثم ينتقل إلى التلفاز وكأنها غير موجودة بالمرة ولكن.. لن يستمر ذلك وهي لن تصمت أكثر من هذا عليها أن تنهي كل ما حدث وتنعم ببعض الراحة معه لقد شعرت بالتعب الشديد بسبب ما يحدث لهم..
جلست جواره على الأريكة وأخذت الريموت من على الطاولة أغلقت التلفاز أمامه ثم مدت يدها إلى جواره أخذت الهاتف ووضعته خلفها تقدمت بجسدها منه تقابله بوجهها وهو يعطي إليها جانبه حيث أنه كان ينظر إلى التلفاز..
أمسكت كف يده بين راحتي يدها وأردفت برجاء ونبرة خاڤتة متوسلة منه القبول
ممكن نتكلم شوية بهدوء وبعدين أعمل اللي يريحك
لم تقابل منه أي رد سوى أنه استدار بوجهه ينظر إليها بعمق بعينين باهتة معاتبة إياها بشدة فقالت مكملة برجاء وحزن
جاد بالله عليك ياخي كفاية لحد كده.. أنا تعبت من الزعل والبعد.. يا جاد نفسي نعيش زي أي اتنين وأحس إني فرحانه شوية.. نفسي نرجع زي زمان
استدار هو الآخر بجسده ليقابلها قائلا باستنكار مشيرا إلى نفسه باليد الأخرى
وهو أنا اللي مانع ده ولا أنت شيفاني مبسوط
كرمشت ملامح وجهها محاولة شرح له وجهة النظر الخاصة بها وموضحة أكثر ما الذي يفعله مطالبة إياه بالعودة إلى الحب والمرح الذي كان بيهم
لأ مش أنت اللي مانعه ولا مبسوط بس بتساعد فيه يا جاد... كل شوية حاجه تحصل فتبعد من غير حتى عتاب ولا كلام.. البعد بس اللي بتعرف تعمله وده مش حل يا حبيبي.. البعد عمره ما كان حل
بادلها النظرات ولكن كانت مختلفة عنها كثيرا كانت نظرته جادة ناحيتها وأردف بجدية وقوة
أنا ببعد علشان مزعلكيش مش علشان ده حل... أنت جربتي قبل كده القرب في الزعل والعصبية عامل إزاي
ضغطت على يده بين يديها الاثنين وأقتربت بجسدها معتقدة أن بحديثه ومحاورته سيتخطى هذا معها كما تريد
طب خلاص بقى بالله عليك.. علشان خاطري يا جاد لو بتحبني بصحيح.. إنسى اللي فات وخلينا نفكر في اللي جاي
ضحك بسخرية وأبعد وجهه للناحية الأخرى ثم عاد مرة أخرى ينظر إليها مضيقا عينيه عليها يتسائل بتهكم
أنساه إزاي يعني أنسى إنك شكيتي فيا وخونتيني ولا أنسى إنك خبيتي عني حملك واستغفلتيني ولا.....
قاطعته قبل أن يستكمل حديثه عن أخطائها الذي فعلتها تجاهه ساخرا من حديثها الذي يقول له أن يتناسى ويمضي أردفت بقوة هي الأخرى تحاول قدر الإمكان أن تجعله يفهم
متكملش.. كفاية كده أنا استحملت
كتير وأنت كمان بس الزيادة فيه غلط وأنا فهمتك وقتها والله العظيم حسيت إني مشلۏلة مش عارفه أفكر ولا أعمل أي حاجه والله لقيت نفسي بخبي عليك وخلاص.. كنت خاېفة يا جاد قدر اللي أنا كنت فيه!
جذب يده من بين يدها واعتدل بكامل جسده رافعا قدمه اليمنى على الأريكة والأخرى على الأرضية متسائلا باستنكار وذهول
خاېفة من ايه أنت هبلة اللي بتقوليه ده دليل على إنك لا واثقة فيا ولا واثقة في نفسك حتى
أجابته بقوة تدافع عن نفسها أمام هذا الحديث
قولتلك هي الوحيدة اللي مكنتش واثقة فيها وكلامي طلع صح يعني كان ليا حق
جادلها وهو يشير بيده ناحيتها وصوته حاد
لأ مالكيش حق لأني أعرف أوقفها وأظن عملت كده
نظرت إليه بعينين متسعة مجيبة بقوة مرة أخرى تقول إن حديثه ليس صحيح فهو وهي قد تمادوا كثيرا
بس أنت اللي سمحتلها من الأول تدخل بينا ومعملتش أي حاجه تمنع ده وأنت اللي سبتها تدخل حياتك بدون داعي
برر موقفه ناحيتها بجدية وصدق تام لأنه عن حق كان يتعامل معها بتربيته وأخلاقه هو وليس مثلها
دخلت حياتي بقلة ذوق واقتحمتها وأنا كنت برجعها باصلي وتربيتي بس هي اللي كانت قليلة التربية.. مش ذنبي إني احترمت أنها ست ومكنتش عايز أي إهانة
تنفست بعمق قائلة ب إرهاق شعرت به من هذا النقاش الغريب ووزعت نظراتها بالكامل على ملامحه متوسلة إياه
يبقى خلاص أنا عديت اللي حصل ولا كأنه كان

موجود من أصله نسيت إنك كدبت وأنها دخلت حياتنا وأنك قابلتها وكل حاجه.. أنت بقى يا جاد ده دورك
أجابها بقوة ناظرا إليها بحدة معترضا على ما قالته
لأ مش دوري.. مش دوري اللي عملتيه مالوش مبرر مش علشان غيرانه ولا زعلانه مني تعملي كده.. ده مش مبرر أبدا وبأمانة بقى غلطاتك كلها غبية
تسائلت بقلة حيلة بعد أن أغلق كل الطرق لحل هذه المعضلة
يعني أنت عايز تقول ايه دلوقتي يا جاد
أبعد نظره عنها إلى الناحية الأخرى مردفا بضيق
مش عايز أقول حاجه
قدمت يدها إلى وجهه جاذبة إياه بحدة لينظر إليها
صاحت بضيق وضجر كبير داخلها من تصرفاته الغبية الكريهة غير مقدر ما الذي تفعله لأجل أن يكونوا في سعادة سويا
أنا بقى هقول.. أنت مش مقدر أي حاجه بتحصلي ولا مقدر كام موقف عديته واعتذرت فيه عن أسباب تافهه لمجرد إني عايزاك قريب مني ومش عايزة أجرب البعد تاني.. ايه نسيت عملت ايه لما صوري نزلت في الحارة ڠصب عني نسيت يا جاد وكنت غلطان في حقي لأني أصلا ضحېة نسيت حاولت كام مرة معاك وأنا بهين نفسي علشان منبعدش.. وعد مواقف كتير أنت عارفها وأنا عرفاها..
أدمعت عينيها وتكون اللؤلؤ داخلها ليصبح أمامها غمامة تعيق نظرتها الكاملة إليه ولكنها لم تتوقف هنا بل أخرجت كل ما أرادت قوله له
اللي أنا عملته رد فعل لفعلك أنت.. أنت اللي بدأت وده كان رد فعل طبيعي وأقل من الطبيعي لواحدة شايفة جوزها كداب وبيدافع بايده وسنانه عن واحدة مايعرفهاش الثقة اللي بتتكلم عنها أنت اللي كنت بتمحيها بنفسك أجبها منين ها قولي بس أجبها منين وأنت أصلا بتكدب عليا وتصرفاتك كلها غلط وعلشان واحدة..
هبطت دموع عينيها على وجنتيها بقوة خلف بعضهم البعض ووقفت على قدميها مرة واحدة مكملة بحدة وعتاب ظاهر في حديثها ونبرتها الباكيه
أنا فهمتك كل حاجه وشرحتلك كل حاجه.. خلاص كاميليا هانم طلعت من حياتنا هي ومسعد اللي معرفش عرفها إزاي.. مافيش مشاكل غير غلطتي فتبعد بقى.. براحتك يا جاد.. براحتك خالص
أدارت وجهها إلى الصالة وكادت أن تذهب فأمسك بيدها شاعرا أنها تحاول معه بكل قوتها لتمحي ذلك الخطأ وتبدأ من جديد ظاهر عليها وبشدة أنها تريد نسيان كل ما مضى أردف بصوت جاد ثم لين
استني هنا.. بعد ايه ده اللي أنا عايزة أنا مش محتاج حد في حياتي غيرك أصلا بس..
تسائلت مضيقة ما بين حاجبيها
بس ايه بقى
ترك يدها ونظر إلى عينيها بثبات قائلا
الموقف صعب يا هدير وأنا محتاج وقت علشان أصفى بأمانة
بادلته نظرته وربما يكن معه حق هي أيضا أخذت وقت ولم تعود عما حدث إلا عندما وقع في أزمته الماضية
ماشي يا جاد
تم نسخ الرابط