رواية ندوب الهوي بقلم ندا حسن
المحتويات
وهي تمزح ضاحكة
ليه يعني على أيدي نقش الحنه أنا ماما معلماني كل حاجه
نظر إليها بقوة وهو يبعد الطعام عن فمه قائلا بانبهار وجدية شديدة
طعمه يهبل... قربي طبق الملوخية ده كده
بعد أن تذوقها همهم بتلذذ عاليا تحت نظراتها الفرحة وكأنه لأول مرة يتذوق طعامها ولكن حقا هذا مختلف كل شيء منذ اعتراف أمس سيكون مختلف غمز إليها بعينيه الرمادية التي تلمع مع دخول أشعة الشمس عليها وهتف بنبرة ماكرة
رفعت حاجبها وتساءلت باستنكار لا يخلو من المرح وهي تعلم من الأصل في حديثه
لا يا شيخ
أومأ إليها وهو يضع الطعام في فمه
آه والله بأمانة
أكملت الطعام في هدوء وابتسامتها لم تختفي بعد ولكن أبعدت نظرها عنه استمعت إلى هاتفه يصدر صوت وصول مكالمة هاتفية في الخارج فأردفت وهي تقف
أمسك بيدها ليجذبها جاعلها تجلس مرة أخرى وقال دون اهتمام
كملي أكل وسيبك منه ده أكيد الواد سمير
أشارت بيدها إلى الخارج وما تقصده هو الهاتف وقالت هي باهتمام معاكس له
طب ما تشوف ماله يمكن في حاجه يا جاد
نفى حديثها وهو يأكل في هدوء دون الاكتراث لأمر هاتفه وابن عمه من الأساس
لأ مفيش حاجه بيأكد عليا أننا ننزل الچيم بالليل
أنا هنزل معاه بالليل لو حبيتي تروحي عند أمك روحي
أجابته بصوت جاد قائلة
لأ هذاكر شويه بدل ما أضيع وقت على الفاضي
أومأ إليها بهدوء وقد أيد فكرتها أكثر دقائق أخرى يأكلون بها ثم أنهى طعامه ووقف من على المقعد تاركا الطاولة ليغسل يده وتوجه لصنع الشاي لهما وهو في المطبخ..
هعمل شاي
صاحت هي الأخرى مقابلة له بصوتها العالي ليستمع إليها قائلة
مش عايزة
ثم وقفت على قدميها وجمعت كل ما على الطاولة من أطباق ووضعتها على تلك الصينية ونظفت المكان بمهارة في دقائق أخذت الصينية إلى المطبخ لتنظيف ما عليها من أطباق فخرج هو وبيده كوب من الشاي قائلا بجدية وهو يتوجه إلى الخارج
أومأت إليه برأسها فخرج وبقيت هي في المطبخ تنظف الأطباق الذي كانوا يأكلون بها وتعيد ترتيب المطبخ مرة أخرى..
بقيت به ما يقارب الربع ساعة ثم ذهبت إلى الخارج لتمر على الصالة وجدته يجلس على الأريكة مستقيم في جلسته وبيده كتاب القرآن الكريم ينظر به بعينيه ويتمتم بشفتيه ما يقرأه ووجه خاشع ثابت بوضوح
ابتسمت وهي تتقدم منه ثم جلست بجواره ومالت برأسها عليه لتنظر إلى ما يقرأ وجدتها سورة الكهف أعتدلت في جلستها وبقيت تنظر إليه بحب وراحة كبيرة اجتاحت جسدها وخلدها وهي تراه على هذه الوضعية وداخلها تقول أن الحمد لا يكفي على هذه النعمة الكبيرة من الله لقد وهبها شخص لن تجد مثله ولن يكون هناك مثله من الأساس ومهما حدث ومهما فعل يبقى جاد الله الذي حقا ېخاف الله وقبل فعل أي شيء يفكر به وبعواقبه ونتيجته..
دائما يبتغي رضاء الله عليه وعلى حياته ويرضي والديه ليرضا الله عليه يتقرب منه ويريدها أن تتقرب منه أكثر لتكن الدنيا بالنسبة إليهم جنة الأرض ومن بعدها يخلدون في جنة السماء..
ترك كتاب الله على الطاولة أمامه بعد أن تصدق واستدار برأسه ينظر إليها فابتسمت بحب وشغف كبير قابلته به قبل أي شيء وهي تعترف قائلة
أنا بحبك أوي يا جاد... مستحيل تتخيل أنا بحبك قد ايه ومن امتى
أقترب منها وهو يأخذ يدها ورفعها إلى فمه يقب. لها بحنان معقبا
وأنا بحبك أكتر يا روح جاد... وبردو مستحيل تتخيلي من امتى
استغربته ونظرت إليه باستفهام متسائلة بوضوح وكلماتها ليست الوحيدة التي تتسائل
إزاي مش فاهمه!.. أنت بتحبني من زمان..
أغمض عينه اليسرى ومط شفتيه قائلا بمرح
أنت الأول يلا قولي بتحبيني من امتى بقى يا شقية
أخفضت وجهها إلى الأسفل وهي تبتسم وتتذكر هذه الذكرى البعيدة منذ عامين تقريبا رفعت
رأسها إلى الأعلى ونظرت إلى داخل عينيه بعمق وهي تقول
من يوم ما رجعتلي شنطتي اللي اتسرقت
ضيق ما بين حاجبيه وهتف سريعا باستنكار متذكرا ذلك اليوم جيدا الذي كان منذ عامان..
من سنتين.
أومأت إليه برأسها والابتسامة لا تفارق ثغرها الوردي مكملة بحب وعشق اخترق قلبها
آه من سنتين شوفت جاد أبو الدهب اللي حسيته فتى أحلامي يمكن كنت قدامي طول الوقت بس عمري ما فكرت فيك أو حتى في غيرك بس فجأة ومرة واحدة حسيت إني بحب جاد.. خطڤني وخطڤ قلبي مرة واحدة لقيتك الراجل اللي بتمناه شهم وجدع حنين وراجل ملو هدومك حبيت تفاصيلك وكل حاجه فيك بقيت كل يوم بحبك زيادة عن اليوم اللي قبله..
حرك جاد عينيه الرمادية عليها وهي تتحدث بكل هذا الشغف والحنين إلى ما مضى وتلك اللمعة الغريبة والواضحة بعينيها كلما تحدثت
بس في نفس الوقت كنت بحاول إني أبعد وأحافظ على نفسي.. بخاف ربنا أوي يا جاد وكل ما كنت أفكر فيك ابقى كأني عملت ذنب كبير وبخاف أكتر لو مكنتش من نصيبك يبقى ذنب أكبر
ابتسمت بسخرية وتجعد جوار عينيها وهي تسترسل حديثها
كنت في كل صلاة ادعي تكون من نصيبي وأكون من نصيبك وأحيانا كنت بدعي إني أبطل أحبك..
قاطعها وهو يتسائل باستغراب لما قالته للتو
ليه.
ابتلعت ما بجوفها متحدثة بصدق وجدية وهي تنظر إلى عينيه التي يحق لها النظر وقتما شاءت
يعني... زي مرة من المرات لما عرفت أنك هتخطب ولما كنت بحس أنك مش ليا كنت بدعي إن ربنا ينزع حبك من قلبي.. بس سبحان الله كان دايما بيزيد وكل يوم أحبك أكتر.. عارف. كل الفترة اللي فاتت دي كان نفسي بس تأكدلي إنك بتحبني بكلمة واحدة كنت خاېفة تكون مجبور على الجواز مني وشوية أفرح وانسى وشوية مقدرش انسى
ابتسمت بسعادة غامرة وأصبح هناك غمامة دموع خلف جفنيها وهي تقول مكملة
لحد امبارح بس.. الكلمتين اللي قولتهم طلعوني السما أنا بحبك أوي يا جاد بحبك ومقدرش استغنى عنك أبدا.. مقدرش استغنى عن حنيتك وخۏفك عليا وغيرتك كمان
ابتسم باتساع عندما وجدها تقول آخر كلماتها بضجر واضح يا له من قدر مكتوب حقا منذ عامين وهي تفكر به وتحبه أيضا والإنسان يكتم ما يشعر به داخله ليظل الآخر يتعذب ويتعذب معه هو يقول إن هناك غيره وهي كذلك هو يقول أنها لا تريده وهي كذلك وشكوك داخل الرأس تولد وفي النهاية لا يريد غيرها وهي لا تريد غيره.. السبب الوحيد في ذلك هو الصمت والكتمان لو كان تحدث منذ البداية لكان عاش أسعد اللحظات معها ويستكملها الآن لا يبدأ..
سألته وهي تعتدل لتقابله بجدية وتريد أن تستمع إلى قصته معها هو الآخر
وأنت بقى..
ابتسم مبادلا إياها وأكثر ابتسامته كانت سخرية لأنها مهما حدث أحبها أولا ظل ممسكا بيدها بين كفه وتحدث بنبرة رجولية رخيمة تحبها كثيرا
قولتلك مستحيل تتخيلي من امتى
استغربت وداخلها تفكر أكان يحبها قبل أكثر من عامان.. لقد كانت صغيرة في هذا الوقت استكمل هو بوضوح
حبيت بنت الجيران من زمان أوي من لما كانت بتمشي والشنطة متعلقة على ضهرها متخيلة.. من لما كان صوتك طول النهار في الشارع عرفتي امتى
حركت رأسها يمينا ويسارا بخفة وهي حقا لا تدري على أي مرحلة يتحدث ومتى كان ذلك فابتسم أكثر وضغط على يدها بقوة واسترسل مكملا
أربع سنين.. وأنت لسه مدخلتيش أولى جامعة خطفتي قلبي وعقلي وروحي وكل حاجه كانت
حية فيا جمالك ورقتك والأدب اللي كنت بشوفه منك خلاني مش شايف غيرك مش عارف حتى أحاول أشوف غيرك.. ډخلتي قلبي وقفلتي وراكي بالمفتاح ولحد النهاردة مطلعتيش ومش هتطلعي
أربع سنين يا جاد..
صوته الأجش أجابها بجدية وصدق
أربع سنين يا هدير أربع سنين وأنا بحبك وبتعذب بحبك وأنا بسمع كل يوم إن فيه عريس متقدملك وبحط ايدي على قلبي لتوافقي أربع سنين وأنا قلبي فيه ڼار لما مبقاش عارف أنت فين ولا مع مين أربع سنين بحاول أقرب منك وأرجع تاني استغفر ربنا وأقول إن ده حرام ولو حصل ربنا مش هيكرمني بيكي
حركت عينيها عليه ورأت الصدق بملامحه واستمعت إليه بحديثه ولكن السؤال في عقلها ارهقها أثناء ذلك الحديث
فقالت بجدية وتسائل والاستغراب أكثرهم داخلها
طب ليه محاولتش تتقدملي ولا مرة يا جاد ولا مرة!..
هذه المرة سيكذب أن يقول أن والده منعه عنها عندما أراد التحدث والبوح علاقتها بوالده جيدة للغاية وهو أيضا فهم أن تفكره كان خاطئ وتراجع عنه لذا لن يقول ما قاله ولن يقول أن الاعتراض من عنده من الأساس أردف بجدية يجيب على سؤالها
كنت لسه بردو يتعبر ببدأ حياتي كنت حابب أكون حد مناسب لما أجيلك بفلوسي مش فلوس الحج رشوان وسنة ورا سنة وأنا بعمل كده كنت بحاول أشوف أي مشاعر من ناحيتك ليا وعدوا أربع سنين وكل يوم بشوف حجه لنفسي علشان خاېف تكوني بتحبي حد تاني..
ابتسم بسخرية وهو يعلم أنه ېكذب ولكن لتكن الكذبة مقنعة أكثر
لدرجة إني كنت مستني لما تخلصي الكلية وتبقي البشمهندسة هدير بس الحج رشوان انقذني من الڠرق ونجاني
هل ېكذب.. لقد قال سابقا أنه كان سيخطبها وتحدث مع والده عن ذلك وما حدث من مسعد هو الذي جعل الأمر يأتي بهذه الطريقة تسائلت بخفوت
بس أنت قولت أنك كنت هتخطبني فعلا بس الموضوع اللي حصل خلاها تيجي بالطريقة دي
هز رأسه بتأكيد وهو يبتسم ابتسامة مصطنعة ليكمل حديثه بها
آه ده حقيقي يعني لما الحج قال إنه عايز يجوزني وكمان نقالي العروسة عرفته نيتي ناحيتك بس هو قال إن ليه نستنى طلما أنا موجود وأنت موجودة
ابتسمت له بسعادة وما يجول بخاطرها هو شيء واحد! كم هي محظوظة به وبوجوده جوارها ومعها محظوظة بحبه وعشقه لها منذ ذلك الوقت الذي لم تكن تعرف عنه أي شيء سوى في الفترة الأخيرة أهي إلى تلك الدرجة نقية وتستحق ذلك..
وضع جاد كف يده على وجنتها يحرك إبهامه عليها ببطء وحنان ويده الأخرى تمسك بكفها وأردف قائلا بنبرة رجولية خشنة
تعرفي نفسي في ايه
تسائلت بلهفة وكأنه يود شيء تستطيع فعله له ولتجعله يسعد أكثر وتغمره الفرحة ولكنه تحدث قائلا بحنين وتمني
نفسي في ولد.. ولد حته مننا إحنا الاتنين أنا عارف إن لسه بدري وعارف إن لو ده حصل هيبقى كتير عليكي وأنت لسه مخلصتيش كلية بس مع ذلك كل يوم بتمنى من ربنا إن ده يحصل.. أناني أنا مش كده
وضعت يدها فوق كفه الذي يضعه على وجنتها وابتسمت بوجهه وهي تتعمق بالنظر إلى عينيه قائلة باستنكار أولا ثم أكملت
متابعة القراءة