رواية امرأة العقاپ للكاتبة ندا محمود
المحتويات
الأريكة الكبيرة في الصالون فقالت انتصار بنبرة مشفقة
_ كلي إنتي مكلتيش حاجة يابنتي
جلنار برفض
_ مليش نفس يادادا
_ احنا مش اتفقنا إنك تمسكي نفسك قدام البنت ياجلنار
_ مقدرتش والله من غير احس لقيت دموعي نزلت
تنهدت انتصار مبتسمة ثم قالت بوضوح وصراحة تامة وهي مثبتة نظرها عليها بثقة
ارتبكت قليلا وردت عليها بحزم
_ دي حاجة ودي حاجة الاتنين ملهمش علاقة ببعض
انتصار ضاحكة
_ لا إزاي ملهمش علاقة ببعض !! ده إنتي من ساعة ما رجعتي من المستشفى وإنتي دموعك موقفتش وده معناه حاجة
واحدة هي إنك بتحبيه
_ لا طبعا مش بحبه !!
أنا بس زعلانة على الوضع اللي هو فيه وطبيعي ازعل في الأول والآخر هو أبو بنتي بعدين بحبه إيه يادادا إنتي كأنك متعرفيش اللي بينا
انتصار بابتسامة مستنكرة
_ عارفة وعشان كدا مستغربة ! عموما ربنا يقومه بالسلامة يارب
بخفوت وصوت يكاد يسمع
_ يارب
على الجانب الآخر من العالم بمدينة كاليفورنيا بأمريكا
انتهى الاجتماع أخيرا وخرج الجميع تباعا من الغرفة وقفت نادين وحملت أوراقها واشيائها تهم بالانصراف لكنه قبض على رسغها يجبرها على الجلوس ويهتف بجدية
_ اقعدي احنا لسا مخلصناش كلامنا
ردت عليه بقسۏة غير معهودة منها
تأفف حاتم بنفاذ صبر ثم هب واقفا واتجه نحو باب الغرفة في خطوات قوية واغلق الباب پعنف ثم عاد لها وهتف بشيء من العصبية
_ نادين أنا خلقي ديق وإنتي عارفة كدا اتكلمي وقولي إيه اللي حصل
طالعته بابتسامة ساخرة وهدرت بعد ثواني معدودة من التحديق به في عدم اكتراث
_وأنا مو طلبت منك تهتم بشو مضايقني إنت ياللي سألت وأنا رديت وقلتلك ولا شيء
_ ياسلام امال إيه موضوع الصور ده وكذاب ومعرفش إيه !!
نادين ببرود تام وهي تهم بالانصراف
_ بتقدر تعتبرني ما قلت شيء
القت بجملتها واندفعت نحو الباب في خطوات سريعة فلحق بها وجذبها من ذراعها هاتفا بسخط
_ أنا لسا مخلصتش كلامي يانادين
نظرت ليده المقبضة على ذراعها بقوة فاشتعلت نيران ڠضبها وصاحت به منفعلة وهي تسحب يدها من بين قبضته
رفع حاجبه في استنكار ملحوظ بنظرته من أسلوبها الجديد ولاحت ابتسامة متسلية فوق ثغره على عكس حالته الغاضبة منذ قليل
وجدته يتقدم نحوها بخطوات متريثة وتلك الابتسامة المريبة تزين وجهه ارتبكت وتوترت بشكل ملحوظ وبشكل تلقائي منها تقهقهرت للخلف وهي تهتف بتحذير سخيف وترفع سبابتها المضطربة مثلها تماما في وجهه
_ لا تقرب حاتم لا تقرب قلتلك !!
لا يبالي لتحذيرها اللطيف كان هدفها بث الخۏف بهذا التحذير ولكنها فعلت العكس ظلت تتراجع وقد نست أن نهاية هذا الاتجاه هو الحائط فاصطدمت بظهرها به والتفتت برأسها للخلف تتطلع للحائط بتوتر ثم عادت برأسها إليه وحدقته بشراسة تليق بجمال أنثى فاتنة ورقيقة مثلها وقف أمامها وابتسامته المتسلية زاد اتساعها على ثغره ثم رفع كلتا ذراعيه وأسند كفيه على الحائط يحاوطها من الجهتين يرمقها بنظرة مشاكسة متحدثا بنفس لهجتها اللبنانية
_وإذا قربتلك شو بتسوي !
ازدردت نادين ريقها بارتباك واستحياء ملحوظ على وجهها ابتسامته ونظراته أذابتها في لحظة كقطعة ثلج وضعت فوق النيران ظلت تتأمله بهيام ولسانها انقعد فلم تتمكن من الرد عليه استمرت فقط في التحديق به مسلوبة العقل
ابتسم باتساع اكثر حين رأى سكونها التام واستسلامها وهي تتطلع إليه بعينان شاردة فغمز لها بعيناه البندقية وتمتم شبه ضاحكا
_ شششش سرحتي في إيه
فاقت من
رحلتها القصيرة على أثر صوته وغمزته المٹيرة فزاد توترها وخجلها أكثر وبعفوية وضعت يديها الناعمتين على صدره ودفعته بعيدا عنها فارتد هو للخلف وهرولت هي نحو الباب تفر منه قبل أن يمسك بها مرة أخرى فتحت الباب وكانت على وشك الرحيل لكنها توقفت والتفتت له برأسها هاتفة بغيظ ووعيد حقيقي
_راح حاسبك على هاد الشي اللي سويته هلأ
تفوهت بتلك الجملة ورحلت فورا دون أن تغلق الباب حتى خلفها من فرط توترها بينما هو فضحك بخفة وهو يلوح بيده في عدم حيلة
عودة إلى القاهرة في مصر
أخرج آدم هاتفه من جيب بنطاله بعد ارتفاع صوت رنينه الصاخب قرأ اسم المتصل الذي ينير الشاشة ثم رد بخشونة صوته الرجولي
_ هاا عملت إيه
رد عليه الطرف الآخر بأسف
_ للأسف يا آدم بيه لغاية دلوقتي مقدرتش أوصله
صړخ به بصوت جهوري لكن سرعان ما حاول إخفاض نبرته عندما تذكر أنه موجود بالمستشفى
_ وهو أنا باعتك تدورلي عليه عشان تقولي مقدرتش اوصله بكرا
عايز ده يكون قدامي وقبل ما البوليس يمسكه فاهم ولا لا
أجاب عليه الآخر بنبرة متلعثمة قليلا تحمل القليل من الخۏف
_ حاضر يابيه
انزل الهاتف واغلق الاتصال ثم اتجه نحو أقرب مقعد
متابعة القراءة