رواية امرأة العقاپ للكاتبة ندا محمود

موقع أيام نيوز


بحر همومه القاسې صوت رنين هاتفه فأمسكه وأجاب على شقيقته بصوت مخټنق 
_ أيوة يا ألاء 
ألاء بحزن 
_ عامل إيه يا هشام 
تنهد بعمق ورد بالإجابة التقليدية 
_ كويس إنتي وماما محتاجين حاجة 
ألاء ببعض الجدية 
_ لا بس إنت هترجع امتى ياهشام ! 
_ معرفش 

كانت إجابة مختصرة منه جعلتها تزفر بعدم حيلة وتهتف 
_ زينة كلمتني الصبح 
سمعت تنهيدته البائسة ومن بعدها وصلها صوته الثابت 
_ عارف 
_ عرفت إزاي ! 
_ عشان
ده المتوقع يا ألاء إنتي قولتليها إيه 
ألاء بلطف ملحوظ في نبرتها 
المه قلبه وأخيرا عاد يلح عليه أن يعود لها لكن عقله عاد وذكره بالحقيقة المؤلمة فقال بأسى 
_
زينة حاسة بالذنب وألم الضمير بس يا ألاء 
زمت شفتيها بجهل وردت ببعض الثقة 
_ مش عارفة بس أنا محستهاش كدا خالص يا هشام
رفع يديه ومسح على وجهه متأففا بخنق ثم رد عليها بصوت ټخنقه العبارات 
_ سلام يا ألاء دلوقتي أنا تعبان وعايز أنام 
عبست وردت بحنو عليه 
_ ماشي تصبح على خير 
_ وإنتي من أهله 
انهى الاتصال واستقام واقفا ثم استدار وقاد خطواته
للداخل تحديدا إلى غرفته يسير بصعوبة ويسعى للبقاء صامدا رغما عن كل الظروف والآلآم التي تطيح به للهاوية ! 
مرت ساعتين وأكثر دون أن يتوقف عن البحث عنها لكن لا أثر لها الوساوس تنهش عقله نهش يشعر لأول مرة بقلبه يرتجف خوفا عليها وسط الآف الأسئلة التي تدور في حلقة واحدة من ذهنه ولا يجد لها إجابة 
توقف أمام سيارته تحديدا أمام المكتبة بعدما قضى ساعات يبحث عنها وعاد بائسا من دونها بالأخير ! استند بظهره على السيارة ورفع هاتفها الذي بيده يتطلع إليه بقلق ويتمتم 
_ روحتي فين بس يامهرة !
دقائق معدودة ورأى سيارة الشرطة على مقدمة الشارع وبعد ثواني توقفت أمامه وترجل منها الضابط أولا انتصب آدم في وقفته وتقدم من الضابط ليمد يده ويصافحه بحرارة ثم رفع الضابط يده ورتب على كتفه متمتما 
_ متقلقش يا آدم مش هترجع الليلة دي من غيرها 
ابتسم له بود وقال دون رسمية بسبب صداقتهم القديمة 
_ اتمنى يا ياسين لا يمكن تتخيل أنا قلقان إزاي وخاېف عليها دلوقتي 
رمقه ياسين بنظرة مطمئنة وواثقة ومن بعدها بدأوا في تحركاتهم وعملية بحثهم الدقيقة المختلفة تماما عنه وكان هو يقف معهم لا يبتعد للحظة واحدة ! 
على الجانب الآخر من تحديدا بروما عاصمة إيطاليا 
خرجت جلنار من المطبخ وهي تحمل فوق يديها صحن ضخم ممتلئ بالحلوى المفضلة لابنتها وله أيضا وصلت إليهم بالخارج فتسمرت قدماها بالأرض عندما وقعت عيناها عليهم وسمعت أصوات ضحكهم بوضوح والصغيرة وسط ضحكها القوى تهتف متوسلة أبيها أن يتوقف عن دغدغتها وهو لا يكترث لها ويبادلها الضحك ! 
بقت ساكنة تتابعهم بنظرة دافئة وعاشقة لا يوجد شيء تعشقه أكثر من رؤية لحظاته المميزة مع صغيرتهم يكون شخصا مختلفا تماما مع ابنته هي حتى لم يسبق لها ورأت عشق
وتعلق كتعلق عدنان بابنته !! 
عقلها لم ينسى المواقف والأيام الجميلة التي شهدتها معه بعد ولادة ابنتهم يمكنها الاعتراف أنها شهدت على اهتمام لم تكن تتخيله منه أبدا منذ بداية حملها وحتى بعد الولادة 
قضى أسبوعين كاملين بالمنزل معهم ولم يكترث لعمله اهتم بابنته مثلها تماما وكان لا يتركها من بين ذراعيه من فرط سعادته وحبه لها تتذكر أيضا الليلة المشؤومة التي مرضت بها هنا بشدة لم يتركها للحظة واحدة والليل كله لازمها بالفراش يهتم بها ويعالجها 
كان يدهشها كل يوم باكتشاف صفة مختلفة بشخصيته ومازال حتى الآن يدهشها ! 
انتشلها من شرودها صوت الصغيرة وهي تصرخ بسعادة بعدما رأت صحن حلوتها المفضلة 
_ الله 
ابتسمت لهم بحب ثم تحركت إليهم بهدوء ووضعت الصحن على الطاولة الصغيرة أمامهم وسط نظراته الرقيقة إليها دون أن تلاحظها 
وبتلك اللحظة اعتدلت هنا وچثت على ركبتيها لتقترب من أذن والدها وتهمس بخبث طفولي وحماس 
_ بابي يلا نعمل لمامي زي ما كنت بتعملي
حدقها عدنان متعجبا ليراها تغمز بعيناها في لؤم فتنطلق منه ضحكة مرتفعة رغما عنه جعلت جلنار تنقل نظرها بينهم بحيرة بينما هو فتطلع بزوجته ثم بابنته وقال بغمزة لئيمة مثلها 
_ تصدقي فكرة حلوة برضوا
تللهت أساريرها هنا ورمقت أمها بنظرة حماسية ثم وثبت من مكانها واسرعت إليها لتدغدغها من أي مكان تطوله يديها الصغيرتين ضحكت جلنار بقوة على تصرفها العفوي والجميل لكن حين رأت عدنان يهب واقفا تراجعت لا إراديا للخلف وقالت ضاحكة وهي ترفع سبابتها محذرة 
_ لا إنت لا أنا مبحبش الحركة دي عدنان خليك مكانك!
كانت نظراته متلذذة وغرامية بنفس اللحظة غير مباليا بها أبدا وحين استدارت لتحاول الفرار كان هو أسرع منها وجذبها إليه من ذراعها ثم حملها عنوة وهو يضحك بخفة بينما هنا كان صوتها السعيد والضاحت يملأ المنزل بأكمله وبمجرد ما وضع أمها على الأريكة مثلما يفعل معها تماما غارت عليها وهي تستهدف هذه المرة الأماكن الأكثر حساسية حتى تضحك كما يفعل أبيها فتعالت
 

تم نسخ الرابط