رواية قلوب حائرة بقلم روز أمين الجزئين
مراته جوة في أوضة العمليات
أومأ له بتفهم ثم تحدث إلي سالم مواسيا إياه
ألف سلامة علي مليكة يا سالم بيه
تأثرا بحالته النفسية الناتجة عن حالة قرة عينه رد بنبرة صوت خاڤتة
الله يسلمك يا سيادة العقيد
بمنزل اللواء عز المغربي
صعدت منال الدرج بإتجاهها للأعلي بقلب وعقلا مشتتان تأثرا بما تمر به عائلتها من فاجعة كبري أشعرتها وكأن عقد العائلة إنفرط وصارت حباته متفرقة كل حبة بجهة تغرد منفردة بحالهاأيسل التي باتت تفضل الإنعزال وألتزمت غرفة والدتها لتقبع طيلة اليوم داخلها وما عادت تفضل إنخراطها وسط الجمع العائلي كسابق عهدها
وحمزة الذي إنطوي علي حاله وأنغمس بأحزانه رغم محاوطة عز له إلا أن فاجعة رحيل والدته المفاجئ هزت كيانه وزلزلته
وما أحني ظهرها وأنهي علي ما تبقي من صمودها هو صدمة مدللها والمفضل لدي قلبها في الفتاة التي عشقها وفضلها علي جميع ما قابل من فتياتفمنذ ذاك اليوم الذي أزاح ياسين فيه الستار وكشف عن الوجه القبيح لتلك الشيطانة وهو منعزل بغرفتهفلا عاد يشاركهم طعاما أو جلسات وأحاديث تتم داخل المنزل
تحركت داخل الرواق المؤدي إلي حجرته الجديدة حيث أنه طلب من العاملات أن ينقلن جميع أشيائه الخاصة إلي غرفة جديدة
بعدما حطم جميع محتويات تلك التي عاش بداخلها كذبته الكبري والتي إستمرت لسنواتحطم معالمها وما بقي بها شئ علي حاله
وصلت منال إلى غرفته ودقت بابها فلم تستمع إلي صوته فأعادت دقها للباب ببضع طرقات صاح بعدها قائلا بكامل صوته الغاضب
أنا مش قلت ماحدش يخبط عليا طول ما أنا نايم
أخذت نفسا عميقا وزفرته ثم فتحت الباب لتجده ممددا علي بطنه ملقيا بجسده بإهمال فوق التختإقتربت عليه وتحدثت بنبرة هادئة
مليكة بتولد وحالتها صعبة وأخوك مسافرقوم روح لها المستشفي وأقف مع بابا وطارق
بنبرة صوت خافته عقب علي حديثها وكأن الأمر لا يعنيه
أنا تعبان ومش قادر أروح لأي مكانإخرجي وإقفلي الباب وراك
هتفت بنبرة حادة
لحد إمتي هتفضل عامل كدة في نفسكوعلشان مين ده كله!علشان واحدة خاېنة وحقېرة
بصياح حاد هتف غاضبا
يووووه بقيهو أنت ما زهقتيش من الكلام في الموضوع ده!
واسترسلت بصفاقة
قلت لك إطلعي برة وإقفلي الباب وراك
بدموعها هتفت بنبرة مټألمة
أنا عملت إيه في حياتي علشان يحصل لي كل ده يا ربي
صړخ بكامل صوته قائلا باستخفاف
إطلعي كملي ندبك بره لأني مصدع وعاوز أنام
بيأس شديد حركت رأسها يمينا ويسارا وهي تبكي بمرارة علي ما وصل إليه ذاك المصډوم وجعله أكثر حدة وصفاقة مما كان عليه من ذي قبلبإستسلام تحركت خارج الغرفة تاركة إياه غارقا بأحزانه وندمه الشديد علي تسليم قلبه لتلك الخائڼة
بنفس التوقيت بمنزل عبدالرحمن المغربيكان يجلس بجانب وليد وراقية وهالة وهو يتناولون مشروب الشاي الدافئ ومن حولهم يلهو أطفال وليدإستمع إلي رنين هاتفه فألتقطه من فوق المنضدة ونظر بشاشتهعلي عجالة ضغط زر الإجابة عندما وجد نقش حروف إسم شقيقه الغالي وتحدث قائلا
أهلا يا عز
صمت لثواني ليستمع إلي حديثه وأردف معاتبا إياه
وإزي ما كلمتنيش وبلغتني من وقتها علشان أكون معاكم
إستمع مرة أخرى إلى حديث شقيقه وتحدث بنبرة هادئة تحت عيناي راقية المترقبة بطريقة مريبة
خلاص يا حبيبي أنا جاي لك على طول
أغلق معه وهتفت تلك التي كانت تتسمع علي حديثه والفضول يأكل من روحها ويجعلها تفرك بمجلسها بعدم راحة
ماله عز يا عبدالرحمن
أجابها وهو يلملم أشيائه الخاصة من فوق المنضدة
مليكة تعبت واضطروا يدخلوها أوضة العمليات علشان يولدوها
يا حبيبتي يا مليكة...جملة حنون نطقت بها هالة
أما تلك الراقية فهبت واقفة وتحدثت بحماس
طب إستنا لما أغير هدومي وأجي معاك
بنبرة أمرة تحدث بما أحبطها
خليكي مكانك يا راقية
واسترسل متهكما وهو يرمقها بنظرات مستهزئة
الناس فيها اللي مكفيها ومش ناقصين لسانك اللي زي الكرباج
نظرت هالة إلي وليد وكظما ضحكاتهم التي حضرت رغما عنهما جراء حديث عبدالرحمنفي حين هتفت راقية بنبرة غاضبة معترضة
أنا لساني زي الكرباج يا عبدالرحمن
واسترسلت معاتبة إياه
الحق عليا علشان عاوزة أروح أقف مع أخوك وولاده في شدتهم
بملامح وجه حزينة استطردت بنبرة لائمة كي تستقطب تعاطفه وتجعله يصطحبها معه
طول عمرك وإنت كاسر نفسي ومقلل من قيمتي قدام إخواتك وستاتهموالوقت قدام إبنك ومراته الغريبة
أنا ماشي قبل ما تفتحي في حوار الصعبنيات اللي ما بيدخلش ذمتي بتلاتة مليم ده...نطقها وتحدث إليه وليد الذي وقف وتحدث برجولة
أنا جاي معاك يا بابا
عقب قائلا بتفهم
خليك إنت يا وليد علشان السباك اللي هييجي كمان شوية بخصوص حوض المطبخ يلاقي راجل في إستقباله
واستطرد بتنبيه
شد عليه في الكلام بدل ما يكروته ويمشي زي المرة اللي فاتت
واسترسل وهو يتنقل بالنظر إلي ثلاثتهم
وبعد ما السباك يمشي إبقي خد أمك وهالة وروحوا إطمنوا علي مليكة بعد ما تولد
أومأ له بموافقة وتحرك الاخر سريعا إلي الخارج
تحدثت هالة بنبرة يملؤها الشجن وملامح وجه حزينة
ربنا يقومك بالسلامة يا مليكة علشان خاطر ولادك
بكلمات لا تعرف للإنسانية طريق نطقت راقية
هينجيها يا اختي وهتقوم زي القردما تقلقيش إنت قوي كدة عليها
واستطردت بنبرة حسودة
دي تلاقي المستشفي كلها الوقت واقفة علي رجل واحدة علشان يخدموهاطبعامش مرات ياسين المغربي ومرات إبن سيادة اللواء عز محمد المغربييا حسرة علينا وعلي قلة بختنا جنبهم
واسترسلت ناقمة علي حياتها وسخط ظهر علنا فوق ملامحها وهي تنظر إلي وليد
دي حتي المرة الوحيدة اللي قلت الزمن هينصفنا فيها وناخد لنا قرشين حلوين نعدل بيهم حياتنا المايلة ديطلع لنا قرد في الموضوع وطلعت البت إرهابية وقتالة قټلة
بيقين وقناعة أردفت هالة شارحة بنبرة هادئة
إحمدي ربنا يا طنط إن وليد خرج من الموضوع بسلام ومن غير أذيةمين عارفمش يمكن اللي إسمها لمار دي كانت ورطته وجابت رجله في الحكاية وكان زمانه محپوس معاها
أما وليد فكان يستمع لحديث كلتاهما بترقب ثم تحدث إلي هالة متهكما علي حديث والدته
أمي ولا كان يفرق معاها أروح حتي ورا الشمس يا هالةأهم حاجة عندها الملايين اللي كانت هتطلع لنا من ورا الحية اللي إسمها لمار وإن شالله حتي بعدها يعدموني
جحظت عيناها بذهول وتحدثت مؤنبتا إياه
يا خسارة تربيتي فيك يا وليدبقي أنا تقول عليا كدة يا واد
واستطردت بوجه عابس لإستقطاب تعاطفه
وأنا من امتي كنت لاقيت حظي مع حد علشان ألاقيه معاك يا سي وليدطالع براوي وناكر لخير الغير زي أبوك بالظبط
أردفت هالة بدفاع عن والد زوجها التي تكن له الكثير من الود والإحترام
بقي عمو عبدالرحمن ناكر لخير غيره عليه
واستطردت بإبانة
طب ده عمو حتة سكرة والناس كلها بتشهد بأخلاقه العاليه وتواضعه مع الكل
لوت فاهها إعتراضا علي حديث تلك البريئة وأردفت بحنق وهي ترمقها بنظرات ساخطة
طب قومي يا حتة سكرة جهزي الغدا وبالمرة إعملي لي فنجان قهوة أظبط بيها دماغي اللي كلتيه بكلامك ده علي الصبح
بملامح وجه عابسة هبت واقفة وتحدثت باعتراض
هو أنا كل ما أقول كلام وما يجيش علي هواكي تهبي فيا وتقولي لي إمشي علي المطبخ
واستطردت بنبرة حزينة
والله قربت أحس إني خدامة في البيت ده وعايشة معاكي بتمن لقمتي
خدامة مين يا لولاده أنت مرات وليد المغربي يا بت...نطقها وليد مجبرا بها خاطر زوجته الحنون ثم استطرد برجولة
طب إيه رأيك مش هتدخلي المطبخ النهاردة ولا هتمدي إيدك في أي حاجة
واسترسل وهو يغمز لها بإحدي عيناه مما أسعدها وجعل روحها تتراقص من شدة إبتهاجها
وخدي الكبيرة كمانأنا عازمك علي العشا برة النهاردة في أحسن مطعم فيكي يا إسكندرية
إستشاط داخل راقية التي وضعت كف يدها فوق وجنتها وهتفت باستهزاء
ولما ست الحسن والجمال بتاعتك مش هتدخل المطبخمين اللي هيعمل الغدا لأبوك وولادك يا سبع البرمبة
اردف بهدوء
شوفي عاوزة غدا إيه وانا هبعت أجيبه جاهز من برة يا ست الكل
لو كدة يبقي مفيش مشكلة...نطقتها براحةبنبرة حماسية تحدثت هالة التي تشعر بأنها تحولت لفراشة راقصة من مجرد عزيمة زوجها
البسيطة
أنا هادخل أعمل لكم أحلا فنجانين قهوة وبعدها هطلع أجهز نفسي للسهرة
قالت كلماتها الحماسية وانطلقت إلي الداخل فتحدثت راقية متهكمة
روحي يا اختي جهزي نفسكأهو ده اللي إنت فالحة فيه
بنبرة هادئة عقب علي حديث والدته
ما تسيبي البت في حالها وتخرجيها من دماغك يا أم وليددي غلبانة وزي ما أنت شايفةأي حاجة بترضيها وبتبسطها
حولت بصرها إليه وتحدثت متجنبة لحديثه الغير مجدي بالنسبة لها
سيبك من ست الحسن بتاعتك وقولي لي
نظر لها بترقب فاسترسلت متلهفة بشره
ياسين عطاك كام
إتسعت عيناه بذهول من حديثها اللامعقول وهتف قائلا باستياء
ياسين مين يا أم وليد اللي هيديني فلوس في
ظروفه اللي ما يعلم بيها إلا ربنا دي!
واستطرد بتضامن موضحا
ده الراجل مش عارف ياخد نفسه من كتر المصاېب اللي عمالة ترف علي دماغه وتنزل واحدة ورا التانية.
بتراجع تحدثت كي لا تظهر بصورة بشعة أمام نجلها
ربنا يكون في عونه يا ابنيأنا ما قولتش حاجة
واسترسلت شارحة
أنا بس لما لقيتك فاتح في المصاريف إيشي غدا من برة وإيشي عزومة عشا لمراتكقلت يبقي ياسين اداك الفلوس اللي وعدك بيها
لسة ما أدانيش حاجة يا ماماومش وقت الكلام في الموضوع ده...قالها بحزم فأومأت له بطاعة وبدلت الحديث بأخر
عودة إلي داخل غرفة العمليات
إنتهي الأطباء من إخراج الصغيرة وألتقطها الطبيب المختص بالكشف عن الطفلة وقام بفحصها جيدا تحت انظار ياسين المتمعنة بطفلته التي وما أن لمحها حتي حزن داخله علي حالتهافقد كان جسدها نحيف وصغيرا للغايةأما عيناها فكانت منغلقة وجفناي منتفخان ولا يوجد بهما أهدابا ويرجع ذلك لحضورها للدنيا مبكرا قبل أوان إكتمالها داخل رحم والدتهاإنقبض قلبه عليها وخشي خسارتهاوعلي عجالة أخرجوا الطفلة من الغرفة وألحقوها بالحضانة وحقنها ببعض الأدوية كي تساعدها علي التمسك بالحياة
أما أحمد فقام بتقفيل العملية وبدأ طبيب التخدير بإفاقة مليكة التي بدأت بتحريك أهدابها بعدما بدأت جرعة المخدر بالإنصراف عن جسدهافتحت عيناها بتثاقل وكأنها داخل حلمرأت صورته أمامها وهو ينظر إليها ويبتسم بحفاوة لرؤيته لها وهي تفتح عيناها للدنيا من جديد
بنبرة ضعيفة تحدثت إليه بإبتسامة خاڤتة
ياسين
حمدالله علي سلامتك يا حبيبي...نطقها بعيناي أظهرت كم سعادته من عودتها إليه سالمةتذكرت حالتها وبعجالة باغتته بالسؤال عن طفلتها
مسك يا ياسينطمني وقول لي إنها بخير
أردف مطمأنا إياها كي يهدئ من روعها
كويسة يا حبيبيخدوها علي الحضانة وبإذن الله مع الرعاية هتبقي كويسة
أومأت له بعيناي منكسرة وقلب حزين
خرجت من غرفة العمليات فوق الترولي ومازال ذاك العاشق ممسكا بكفها محتويا إياه ليبث داخلها الطمأنينةهرول عليها الجميع وكان أول من وصل إليها هو نجلها الغالي الذي أمسك كفها وتحدث بعيناي مړتعبة علي غاليته
إنت كويسة يا ماما
شعرت بإرتجافة بقلبها عندما لمحت لوعة صغيرها الغالي وارتعابه عليهاوبعيناي حنون طمأنته بنبرة صوت خاڤتة للغاية جراء حالتها
ما تخافش يا قلبيأنا كويسة
وبرغم تعبها وشدتها إلا أنها سألته مستفسرة عن صغارها
فين إخواتك يا مروان
رد عليها ياسين كي يحثها علي الهدوء والاسترخاء
إهدي وما تفكريش في حاجة غير