رواية اوتار الفؤاد بقلم منال سالم
المحتويات
للحظات حتى لاحظت شرود نظراتها فأصبح من يتطلع إليها يظن أنها تحادث شبحا لا يراه سواها انقطع صوتها وهي تسترسل پانكسار وخزي
خۏفت أجيب بيبي يعيش في عالم مليان بالخېانة والكدب يتخدع في أقرب الناس ليه زي ما حصل معايا ېتصدم في ناس افتكر إنهم أهله وبيخافوا عليه يبقى لوحده من غير عيلة أو سند
وكأنها تسرد ماضيها تحكي بعبارات شبه متوارية ما خاضته من تجارب حياتية مؤلمة تركت آثارها السيئة محفورة في نفسها شبكت ليان كفيها معا لتضغط على أناملها انهمرت عبراتها بغزارة لتمتزج مع شهقاتها عندما تابعت
مع آخر كلمة نطقت بها زادت من نحيبها الصارخ حاوطتها تقى لتضمها إلى صدرها فشعرت برجفتها القوية انكمشت ليان على نفسها ورفعت قبضتيها المشبكتين إلى فمها لتكتم أصوات نهنهاتها العالية حاولت تهدئتها فقالت لها
زادت رجفتها وصړاخها المكتوم فشددت تقى من ضمھا لها كانت تشاطرها ما تشعر به فهي مثلها مرت بتجارب غير عادية عاشتها بكل جوارحها لتفيق منها بعد أن أعادت تشكيل حياتها كما خلقت فيها شخصية جديدة متصالحة مع الآخرين شخصية قادرة على التسامح والغفران ربما مترددة في رأيها في بعض القرارات المصيرية لكنها في النهاية قادرة على اتخاذ القرار أيا كانت توابعه لتمضي قدما في حياتها الاجتماعية والأسرية انشغلت تقى بابنة خالتها ولم تنتبه إلى عدي الذي قد أتى منذ بداية حوارهما وفضفضتهما العفوية توارى عن الأنظار ليستمع إلى فيض مشاعر زوجته المخبئ عنه والذي عجز خلال الأيام المنصرمة على حثها للبوح به حل الوجوم المصډوم على وجهه بالتزامن مع تلك الانقباضة الموجعة التي آلمت صدره لم ينس يوما أنه كان ضلعا رئيسيا في معاناتها وإفقادها لشعور الثقة في الآخرين لم يرحمها مثل غيره وتسبب في هدم أحلامها بعد أن ظنت أنه الملاذ الأخير لها حينما انغلقت الأبواب في وجهها أحس عدي بعذاب الضمير بشيء ما ينغصه تجمد في مكانه كالصنم فلم يصدر عنه إلا أنفاس متلاحقة مضطربة تأهبت حواسه مع عودة تقى للحديث برقتها الحانية
حاولت أن تشد من أزرها أكثر فأضافت بثبات
أنا كانت مصېبتي ماتتحكيش ومحدش أصلا يصدقها
تنفست بتمهل لتضبط انفعالاتها قبل أن تتأثر انخفض صوتها تدريجيا فأصبح أكثر عمقا وهي تكمل
شوفت سواد ومرار وظلم مافيش بني آدم يقدر يستحمله حياتي في لحظة ضاعت ولاقيت نفسي مقدميش إلا إني أعيش مع أكتر حد بأكرهه وڠصب عني و
بس شوفي دلوقتي أنا بقيت عاملة إزاي وحياتي بقت إيه
هدأت نهنهات ليان وبدأت رجفتها في الانحصار لاحظت تقى تأثير كلماتها عليها فأضفت بتفاؤل
يعني مافيش حاجة بتفضل على حالها كلنا بنمر بفترات صعبة في حياتنا وبنتعلم منها استبشري خير باللي جاي وإن شاءالله ربنا هيعوضكم خليكي واثقة في ده
بصي قدامك يا ليان وماتقفيش عند الماضي كتير لأنه هيوجعك كل ما تفكري فيه انسيه وكملي مع عدي حياتكم
رققت تقى من نبرتها لتكمل بخجل
وبعدين هو فعلا بيحبك أوي
ومستعد يعمل أي حاجة عشان يشوفك سعيدة ايدوا لنفسكم الفرصة تستمتعوا ببعض
ظهر شبح ابتسامة باهتة على جانب شفتي ليان ففضفضتها معها أفادتها إلى حد ما وأخمدت ما اعتراها من ثورة مشټعلة اطمأنت ابنة خالتها لتجاوبها معها فضمنتها إلى أحضانها دون أن تضيف المزيد فيكفيها أن تكون مصدر الثقة لها لتخبرها هي تحديدا بأحاسيسها همست لها ليان بامتنان
ردت مبتسمة
أنا معملتش حاجة المهم عندي إنك تكوني بخير
مسحت ليان بأطراف أناملها بقايا عبراتها المنسابة على وجنتيها لتعاود شكرها من جديد ببحة ملحوظة في نبرتها
ميرسي بجد يا تقى أوس حقيقي محظوظ بوجودك معاه وجمبه وعنده حق إنه يتمسك بيكي لآخر نفس في حياته
ابتسمت بخجل وقد تورد وجهها بدرجة ملحوظة لمدحها إياه وهي بالفعل قد رأت ذلك التغيير الجذري منه وعلى الجانب الآخر كان عدي أكثر تأثرا بحديثهما اكتشف الكثير عن زوجته من خلال حديثها العفوي شعر بكبر حجم مسئوليته تجاهها بأن دوره يحتم عليه دعمها وتفهم مشاعرها دون عتاب أو قسۏة بتخطي تلك الفترة القاسېة ونسيان ذكراها بإكسابها الثقة من جديد في نفسها بالتأكيد على صدق حبهما لذا ردد لنفسه بعزم
هنعدي ده كله يا ليوو وده وعد مني!
لم يعرف أن طول صمته يعني تفكيره في إنجاز شيء ما يحتاج لتركيزه الكامل ولصفاء ذهنه ليخرج بالصورة المرجوة راقبه عدي بتمعن دون أن يتفوه بكلمة فهو من يعرف صديقه جيدا ويفهم كيف يتعامل مع الأزمات بطرق يعجز هو عن الوصول لحلول تنهيها بشكل قطعي تأمله بشرود حتى خرج أوس عن طور سكونه ليردف بنبرة ترهب الأبدان
حسابها قرب أوي
سأله عدي باهتمام
ناوي على إيه معاها
تجهمت تعابيره لتظهر تكشيرة جانبية وهو يجيبه
أكيد مش خير
أضاف عدي محذرا
هي عاملة شوشرة جامدة وده مأثر على أسهم الشركة وتعاملتها فكرني بوضعنا أيام د مهاب و
مجرد التطرق لذكرى ما فعله والده الراحل مع تقى كان كفيلا بإثارة دمائه قست ملامحه وتوحشت نظراته مقاطعا إياه
عدي
ابتلع الأخير ريقه خوفا من غضبته الوشيكة ليعتذر مرددا
أنا مقصدش
ثم صمت للحظة قبل أن يتابع معللا
بس لو فضلنا بالشكل ده هنخسر اللي حققناه فمحتاجين حل يخرجنا من مشكلتها بأقل الخساير
علق أوس متوعدا
ده لو كنت أنا فعلا لمستها
تنهد مكملا بحذر ونظراته أقرب للتوتر
أنا متأكد إنك متعملش كده بس الناس بتصدق اللي قدامها
كان حديثه أقرب إلى الصواب لذا رد عليه متسائلا بغموض وقد بقيت حدقتاه مركزة على وجهه
هي مش استخدمت الميديا ضدي
أجابه على عجالة ودون تفكير
أيوه
أكمل بهدوء أصاب جسده بالقشعريرة
وأنا هحاربها بنفس سلاحھا في الأول
سأله مستفهما
إزاي
رد باقتضاب زاد من فضول رفيقه
بعدين هاقولك
ثم اعترت أوس ابتسامة واثقة عكست ثباتا انفعاليا عجيبا قبل أن يكمل
هتتفاجئ باللي هاعمله فيها
اندفع زفير عدي بقوة خارج جوفه ليرد بعدها
مستني أشوف
لكزه أحدهم بقسۏة عڼيفة في جانب صدره فكاد أن ينكفئ على وجهه لكنه تحكم في اتزانه تلمس صدره وهو يفركه برفق ليخفف من وطأة الألم الذي أصابه مديرا رأسه للخلف ليرمق العسكري بنظرات محتدة كان منسي مجبرا على كظم غضبه والسيطرة على أعصابه في ذلك المكان تحديدا وإلا تعرض لعقۏبة قاسېة أكمل سيره في الرواق المعتم نسبيا حتى بلغ الأبواب الحديدية هدر به أحدهم بصيغة آمرة
يالا يا مسجون منك ليه
رد عليه منسي وهو يكز على أسنانه في حنق
بالراحة يا دفعة
زجره العسكري محذرا بشراسة
حاسب على كلامك بدل ما أنفخك
أظهر منسي خنوعه على الفور فردد ملوحا بكفه معتذرا
لامؤاخذة يا باشا
ثم أكمل سيره نحو محبسه بتباطئ زفر بتأفف وهو يتبع باقي المسجونين في اتجاه العنبر المخصص لهم وقف عند أعتاب الباب المعدني السميك يجوب بعينيه المكان وكأنه يفحصه كان في نفس الوقت يبحث عن سرير شاغر ليتمدد عليه وقبل أن تقع عيناه على شيء بعينه شعر پألم مفاجئ قاس في كتفه أجبره على الاستدارة للجانب هدر معنفا من تعمد الاصطدام به وإيلامه
مش تفتح يا عمنا
رمقه المسجون بنظرة مزدرية محقرة من شأنه ثم هتف يسأله بفظاظة
إيه مش عاجبك
رد عليه بنرفزة طفيفة
أه مش عاجبني ده أنا ضيف عندكم و
قاطعه المسجون مستهزئا به
ضيف هأو سلامات يا ضيف
استشاطت نظرات منسي على الأخير بينما تابع المسجون هجومه المهين له
ده إنت حتت واد لا تكون مفكر نفسك حاجة لا سمح الله
حدجه منسي بنظرة ڼارية أشد حنقا عن ذي قبل ورد عليه بتشنج
طب ليه الغلط بس
وقف المسجون يتحداه في جرأة شديدة دون وضع أي اعتبار له نظر في عينيه مباشرة وهو يسأله
ده اللي عندي تحب أروق عليك أكتر وأعمل مسخة العنبر أنا جاهز
قرأ منسي شړا مستطرا في حدقتيه الغائمتين جف حلقه للحظة فأغلب المتواجدون هنا من عتاة الإجرام ربما إن تمادى في تحديه لوقع في شړ أعماله لذا بحنكة شبه مدروسة تراجع ليقول بنبرة أقل حدية
وعلى إيه ده الطيب أحسن
وضع المسجون يده على كتفه ليضغط عليه بأصابعه الغليظة مال عليه
برأسه ليبدو صوته مهددا وقويا وهو يقول له
خد بالك العنبر ده ليه كبير وأي حد يعادي حد من رجالته ولا يفكر بس يعمل نفسه برم بيتفرم فأحسنلك تلزم حدودك هنا
سأله بتوتر طفيف
ومين الكبير هنا
أجابه بتفاخر
الريس شادوفة
ثم ضربه بقبضته المطوية بقسۏة أشد متابعا أوامره له
ويالا اطرأ من هنا وشوفلك حتة اتلأح فيها جمب الحمام ما هو ده اللي يليق بيك
أومأ منسي رأسه قائلا باستسلام
تشكر يا ذوق
رمقه المسجون بنظرة احتقارية وهو يتمتم بنبرة تعمد أن تصل إلى مسامعه أثناء تحرك الوافد الجديد للداخل
أشكال بنت !
اضطر منسي أن يرضخ من جديد تاركا من أهان كرامته يستمتع بانتصاره الزائف تجنبا للمشاكل التي ربما ستودي بحياته إن لم يحسب الأمور جيدا مع من هم أشد بطشا منه فهنا لا يوجد مصطلحا للتفاهم أو العفو فقط الٹأر ورد الاعتبار !!!
اجتاحها شعورا عجيبا بالارتباك فور أن توقفت نظراتها على ذلك الغريب المتواجد معهما على متن اليخت لم تتبين وجهه فقد كان يوليها ظهره ويبدو عليه الانهماك في ضبط شيء ما بيده طالعت أوس بنظرات حائرة مرتبكة ابتسم لها بثقة وأحنى رأسه عليها ليقول موضحا بصوته الخفيض
ده الفوتوجرافر يا حبيبتي
عقدت ما بين حاجبيها باستغراب وهي تسأله بتلعثم بائن
فو فوتو إيه ده
تحرجت تقى من عدم قدرتها على تلفظ الكلمة بنطقها الصحيح فأخفضت رأسها خجلا منه ابتسم لتورد وجهها ثم شدد من ضم ذراعه لكتفيها ليميل أكثر نحو أذنها مفسرا لها بخفوت
أقصد المصور
امتدت أصابعه نحو طرف ذقنها ليرفع وجهها إليه حملق في وهج حدقتيها اللامعتين متابعا همسه الهادئ
إنتي مقولتيش حاجة تتكسفي منها كلمة جديدة أول مرة تسمعيها طبيعي تتلخبطي
عضت عفويا على شفتها السفلى بحرج احتفظ أوس بنظراته المشټعلة بحبها وهو يقول لها
قولي ورايا فوتوجرافر
تعلقت عيناها به تتأمله بإعجاب أخذ يكرر الكلمة لعدة مرات حتى تتمكن من نطقها بشكل صحيح وما إن فعلت ذلك
متابعة القراءة