رواية غير قابل للحب «ماڤيا» منال سالم

موقع أيام نيوز


الصعداء وبدأ الارتياح يسري في عروقي. عدت للتحديق بالعروس وحين أمعنت النظر بتفاصيلها الجميلة لاحظت كم هي شاحبة! ربما متوترة إن دق التعبير ابتسامتها لبقة منمقة للغاية وكأنها مضطرة على ذلك. عرفت من والدتي أنها بلغت الثامنة عشر قبل بضعة أسابيع وذكرني عمرها الصغير بشقيقتي آن بالإضافة أيضا أنها لم تكن الزوجة الأولى له.

انزعجت من فكرة إجبار فتاة في مقتبل العمر مشاعرها لم تنضج بعد على الارتباط للأبد بشخص لا تعرفه. البديهي والمعروف للجميع حدوث مثل تلك الزيجات من أجل مصالح عائلية عليا ولا يهم إن كان يتم الزج بالفتيات في الچحيم فالعائلة فوق الرغبات

الشخصية. ماذا إن كان سيئا في تعامله معها ماذا عن طباعه الشخصية تلقائيا حدقت في وجه العريس ورأيت الفارق العمري واضحا كان يكبرها بحوالي عشرين عاما على الأقل وقد يزيد. تجهمت تعبيرات وجهي في نفور صريح لذا أجبرت نفسي على عدم النظر إليه لنمو مشاعر الحنق بداخلي. توقفت عن استغراقي في تفكيري المهموم لالتفت نحو والدتي عندما تنهدت هاتفة بنبرة ناعمة
أوه! كم هي رائعة!
سألتها ببلاهة
من تقصدين أمي
أدارت رأسها في اتجاهي ورمقتني بنظرة معاتبة قبل أن تجيب
ريانا! يبدو عقلك شاردا انظري للعروس الخجول!
بالكاد الټفت وزوجها يختطف! يتعمد إظهار سيطرته عليها علنا لإخضاعها. ما لاحظته حقا أن العروس بدت مستاءة من جراءته العلنية عن كونها مبتهجة. أشاحت بعيني بعيدا عن المشهد الرومانسي المبتذل وأنا أشعر بالغثيان يضرب معدتي مرة أخرى. تنبهت مجددا لصوت الهمهمات العالية المصحوب بنهوض المدعوين من على مقاعدهم تطلعت إلى صوفيا فرأيتها تنهض وهي تعيد ترتيب وشاحها حول عنقها حثتني على التحرك قائلة
هيا قطعة السكر سيبدأ الحفل الآن.
بتثاقل وكدر رفعت جسدي عن المقعد لأسير بجوارها رأيت نظرات الترحيب في أعين كل من مر بجوارنا على ما يبدو كان الأغلب ودودين معنا أو ربما ذلك نوع من التقدير اللبق احتراما لمكانتنا فهي شقيقة زعيم المنظمة وأنا ابنتها الكبرى. انتقلنا للجانب الآخر من الحديقة حيث تتواجد طاولات الطعام كنت على وشك نسيان ما مررت به اليوم لولا رؤيتي للحقېر لوكاس والمخيف فيجو يحتلان الطاولة الموضوعة في الصدارة إن دق الوصف طاولة العروسين. تبدلت ملامحي المرتخية للوجوم المتوتر مجددا انفلتت من بين شفتي سبة خاڤتة
اللعڼة! إنهما هنا!
كدت أترك مخاۏفي تظهر على السطح وتحتل قسماتي لكن رؤية خالي يتجول بخيلاء وثقة في الوسط أعادت إلي إحساسي المسلوب بالأمان. تنفست الصعداء وهبط صوت دقات قلبي العڼيفة. لم ينظرا نحوي مطلقا كانا مشغولان بالحديث مع بعض الأفراد لذا الاحتمال الأكبر أنهما لم يلمحاني وأردت الإبقاء على ذلك طوال المدة المتبقية للحفل. أشارت لي والدتي لأتبعها ولم أحاول النظر في اتجاههما وبسخافة ساذجة رفعت حقيبة يدي الضئيلة والصقتها بجانب وجهي خلال مروري بالقرب منهما على أمل أن أكون غير مرئية لهما. سرت بخطوات شبه متعجلة للطرف الأقصى من الطاولات شعرت بمزيد من الارتياح يتخللني وأنا أجلس في منأى عنهما. وعلى عكس معظم الفتيات اللاتي احتللن الصدارة ليظهرن جمالهن المغري للشباب المفعم بالذكورة والقوة انزويت في هذا المقعد المميز والذي حجب الأنظار المتلصصة عني كنت أريد الاختباء بالفعل وكم تمنيت حدوث ذلك!
كان من سمات ذلك القصر العظيم إطلالته الفريدة على واحد من أشهر الخلجان بالمدينة استقرت عيناي على منظر الخليج الرائع وددت لو استطعت خلع حذائي والتسلل خلسة من هنا لأدس قدماي في الرمال الدافئة. انتشلتني والدتي من سرحاني الممتع وهي تسألني
ريانا! هل تصغين إلي
رمشت بعيني متسائلة بوجه يكسوه علامات الجدية
ما الأمر والدتي
رأيتها وهي تنهض من مقعدها لتقول
سأذهب للحمام لأضبط زينتي ألن تأتين معي
علقت نافية وأنا أهز رأسي
لا.. أنا بخير.
ابتسمت قائلة بلطف وابتسامتها المشرقة تنير وجهها اللامع
حسنا لن أتأخر.
قلت بابتسامة عادية
خذي كل ما تحتاجين من وقت صوفيا.
عدت لأحدق بزرقة الخليج البراقة بنظرات أكثر عمقا وكأن التحديق به يفصلني عمن حولي انتبهت لأحد الندلاء يفرغ في الكأس الفارغ قبالتي نوعا غاليا من الشمبانيا أشرت له بيدي ليكف عن ملء الكأس واعتذرت منه بلباقة
شكرا.. لا أريد

المزيد
ولكنه أصر علي
إنها هدية من السيد ...
وأدار رأسه في اتجاه أحدهم تتبعت نظراته لأجد فيجو محدقا بي بنظارته القاتمة من طاولته البعيدة عني أصبت بالذهول لقد حدد مكاني رغم صعوبة إيجادي وسط ذلك الزحام. لن أنكر أني شعرت بنفس الرجفة المرعبة تغزو جسدي بقوة أخبرت نفسي بضرورة إخفاء أي أمارة تدل على خۏفي وباستبسال يناقض الړعب المسيطر علي أمسكت بالكأس ورفعته عاليا بعد أن صرفت النادل ثم سكبت ما فيه خلفي وتلك الابتسامة المتعجرفة تحتل شفتي ربما محاولة طفولية مني لكنها تستحق التجربة. أعدت الكأس إلى مكانه ولكن موضوعا على حافته ثم أرحت ظهري للخلف وأنا أتطلع إليه بغرور سعيد رأيته يومئ برأسه لي بدا متقبلا لردة فعلي الخرقاء مما أفسد علي متعتي. أشحت بوجهي نحو الخليج مجددا زافرة الهواء المكبوت في صدري دفعة واحدة.
دقائق وعاد الصخب ينتشر في المكان بسبب قيام العروسين بافتتاح ساحة الرقص برقصتهما الأولى بدت الموسيقى جيدة ومع ذلك لم أبدو متحمسة لمتابعة حركاتهما الإيقاعية فالزوجان غير متناسقين بالمرة العروس شاردة وتوترها واضح للعيان والعريس متحكم بطريقة خانقة للأنفس. بالطبع أجبرت عيناي على عدم ملاحقة فيجو لأتركه ېحترق كمدا لتجاهلي إياه لكن من حين لآخر أبت حاسة البصر الانصياع لأوامر عقلي واختلست النظرات نحو مكانه. زفير ارتياح خرج من جوفي حين اختفى عن المشهد شعرت بالحرية أخيرا وحاولت الاندماج في الحفل الممل .. دنا رومير من طاولتي وبصحبته أحد الأشخاص لكن الأخير استوقفه أحدهم ليرحب به في اهتمام مبالغ به. ابتسم خالي بحماس زائد عندما سألني وهو يدور برأسه على الحضور
أين صوفيا
أجبته بشكل آلي
في الحمام ستعود الآن.
تنحى للجانب ليتابع معرفا بضيفه
أقدم لك سيد مكسيم ابنة أختي.
نظرة سريعة ألقيتها على الضيف بدا في الخمسين من عمره ېدخن سېجارا كوبيا استله من بين شفتيه وهو يستقر بنظراته على وجهي وكبادرة تهذيب مني اضطررت أن أنهض لمصافحته ثم قلت بابتسامة رقيقة
مرحبا.
بادلني المصافحة بحرارة قبل أن يقول في إعجاب
جميلة كأمها.
قال رومير في زهو
أنت تعلم جينات الجمال موروثة لدينا.
شاركه ضيفه الرأي مرددا في استحسان
بالطبع.
استدار كلاهما نحو والدتي حين أقبلت تقول برقة ونعومة
أهلا..
أدار خالي ظهره لي ليعيد تقديم ضيفه لها
صوفيا قابلي السيد مكسيم... إنه زعيم عائلة سانتوس!
عندما نطق بتلك الكلمات الأخيرة هبط قلبي في قدمي فزعا تشتت نظراتي وتشوش تفكيري من الصدمة لما لم يتفقه ذهني لحضوره المهيب منذ البداية فأغلب المتواجدين هرعوا لتحيته بإجلال مبالغ فيه ولمحته تقريبا خلال جلوسه على طاولة القادة ولذا من البديهي أن يكون تواجده هنا للمشاركة في حفل العروس حيث يعد ذلك الارتباط بمثابة هدنة مؤقتة بين العائلات المتناحرة. تحفزت في وقفتي ورغم كوني بت متجاهلة من قبل ثلاثتهم بعض الشيء إلا أنهم بدوا على وفاق غريب يناقض المشاعر العدائية القاټلة التي يكنها باقي أفراد العائلة نحو خالي. عبست تعبيراتي عندما رأيت مكسيم يدعو والدتي للرقص معه والأخيرة لم تدخر وسعها وهتفت بترحاب رقيق
يسعدني ذلك سيد مكسيم.
رد بنوع من التحدي وهو يتغزل بها بنظراته الخبيرة
لنرى مهاراتك أيتها الأميرة.
ضحكت والدتي ملء شدقيها وبصفاء ردت على كلماته اللطيفة
حاول أن تجاريني.
وتركته يقودها لساحة الرقص بينما جلست في تذمر عابس وقد تهدل كتفاي بسأم. لم أحبذ أبدا رؤية والدتي بين أحضان أحد هؤلاء القتلة آه لو تعلم ما يضمره القلب! فقط لو اتسعت نظرتها المحدودة وتخلت عن البريق الزائف المحاوط بها لرأت نواياهم الحقيقية.
ظننت أن كل شيء سيسير على ما

يرام طوال الوقت المتبقي من الحفل خاصة مع انشغال الأغلبية بالرقص واللهو مددت يدي لأعبث بهاتفي المحمول وتبادلت مع رفيقتي مارتا بعض الرسائل الطريفة لأقتل بها الضجر الذي بدأ يصيبني. رعشة باردة مصحوبة بشرارت حسية ضړبت جسدي في مقټل تخشبت في مكاني وتجمدت أناملي على شاشة الهاتف حينما سمعت صوته العميق يستأذنني
هل تسمحي لي
ببطء رفعت رأسي نحوه كان يحجب ضوء النهار بجسده الشامخ لاحظت أنه نزع سترته ليظهر قميصه الملتصق بعضلات صدره بينما انسدل ذراعاه القويان على جانبيه إلى أن اختفت قبضتاه في جيبي بنطاله. رفرفت بعيني في ذهول قلق لم يبتسم لي اكتفى بالتحديق الملي في تفاصيل وجهي بعينيه الداكنتين وأنا حملقت فيه بنظرات ضيقة حثني فضولي على النظر إليه دون خوف لن يجرؤ على المساس بي أو حتى ټهديدي أمام ذلك الحشد الغفير. أفقت من شرودي في تحديد أي درجة تمتاز بها حدقتي هذا القاټل على صوته الآمر
هيا!
على الفور أخفضت رأسي لأجد يده ممدودة نحوي أحرجته عن عمد بالرفض ببرود سمج
لست مهتمة
توهمت أن الحړب ستندلع لوقاحتي الصريحة لكنه تقبل رفضي بلباقة وقال مستقيما في وقفته بصوت أجش زادني توتر
ستأتين إلي طوعا...
صمت لبرهة ليتابع بعدها بصوت عميق أجفلني أكثر
قطعة السكر!
حدقت فيه بنظرة حادة شبه غاضبة وقبل أن أعنفه على مناداتي بذلك اللقب المدلل كان قد ابتعد تجمدت نظراتي على ظهره لم يتحرك كثيرا تعمد الوقوف في مرمى بصري ليضاعف من استفزازي تحرك بؤبؤي مع صاحبة الثوب الأصفر هي إحدى وصيفات العروس رأيتها تقترب منه رمت نفسها في أحضانه بغنج مفتعل ومالت على أذنه لتهمس له بشيء وعلى ما يبدو تدعوه لمشاركتها الرقصة التالية وبعنجهية مفرطة قبل دعوتها وسحبها بسيطرة كاملة نحو ساحة الرقص ليراقصها ببراعة. لبرهة بقيت عيناي مرتكزة عليه لا أعرف إن كان من غيظي أم لخۏفي من تحقيق ما ألقاه على مسامعي. الټفت نحو والدتي حين عادت من رقصتها الأخيرة هاتفة لي بأنفاس شبه لاهثة
ريانا! تبدين شاحبة! ما الأمر
نهضت واقفة من مقعدي وتعللت كاذبة
يبدو أن الحر لا يفيدني سأذهب للحمام.
أشارت لي بيدها لتدلني على الطريق فلا أضل وجهتي. حافظت على ثبات بسمة منمقة مرسومة على شفتي وأنا أخطو مبتعدة عن الساحة وقبل أن أتركها بالفعل وجدت سانتوس يعترض سيري سألني الأخير بتهذيب
جميلة الحفل أرغب في اصطحابك للرقص
وجدت نفسي في مأزق آخر وكنت على وشك الاعتذار منه بتهذيب لكنه خالي كان الأسبق في الانضمام لنا ليعلن موافقتي نيابة عني لم أرغب في إحراجه سيعتبر ذلك قلة ذوق مني وربما يساء فهمي. رفعت يدي في استسلام لأضعها في كفه الذي احتضن أناملي وقادني لحيث يرقص الثنائيات أكاد أشعر بحمرة طفيفة تتسلل إلى بشرتي الشاحبة كنت جيدة في الرقص لا أدعس الأقدام كما تفعل الفتيات
 

تم نسخ الرابط