رواية عشق القلوب بقلم سهام صادق
الصوره
ظل يركض ويركض وشريط ذكرياته يسير امامه ليتذكر طفولته فتأتي أحد صوره عندما
كان طفلا في السابعه وبدأت أصابعه تخطو بالقلم علي الورق فنكب علي مكتبه الصغير وكتب اول خطاب لوالده وذهب سريعا الي جده قائلا أنا كتبت جواب ياجدو لبابا شايف ياجدو انا شاطر ازاي وبقيت بعرف أكتب ويخطوا سريعا من أمام جده الذي تتبعه نظراته بجمود فيقف أمام ذلك الصندوق البريدي الصغير بجانب قصرهم ويضع اول جوابا له أستطاع ان يكتبه الي أباه البعيد عنه
لتتكرر فعلته هذه كل يوما ولكن لا يوجد رد فيتأمل صندوق البريد بحسره وهو فارغ من أي جواب قد بعث اليه من مصر من والده حتي مر خمسة اعوام علي ذلك فتصيبه خيبة الامل ويجلس يوما امام ذلك الصندوق بفرحه عندما رأي أحد الرسائل فتأملها بسعاده وهو يركض بالداخل مهللا جدو بابا بعتلي جواب وقال انه جاي عشان يشوفني وياخدني معاه أنت أكيد مش هتزعل يا جدو
ليقبله يوسف بحب ما انا مش هسيبك ياجدو هجيلك علطول وانت كمان هتجيلي انا رايح اقول الخبر ده لمعلمتي ماري عشان تساعدني ان اشتري هديه لبابا
فيفيق من شروده بعد أن اتعبه كثرة هذا الركض المهلك ويجلس علي احد المقاعد ناظرا الي المياه التي امامه متذكرا خيبته الاخري عندما ظل شهرا بل سنة ينتظر قدوم والده الي ان وقف امام جده ذات يوم وهو ېمزق صور والده انا اكره والدي ياجدي ولم اعد احبه
لتظهر أبتسامه مخفيه علي وجه ذلك الجد العجوز وهو يحتضنه قائلا مدام هذه رغبتك يابني فافعل ما شأت
وقفت مريم تتمايل بين الحمام الذي اصبح يحاوطها كي تطعمها بحبوبه المحببه له فتتعالا أصوات هديل الحمام حولها وهي تبتسم كالأطفال وتتأمل الحمام الذي يصطف امامها واخر يطير حولها فترفع عيناها لأعلي بسعاده قبل تقذف بعض الحبوب عاليا لتتناثر حولها بعشوائيه فيطير الحمام ويرفرف بجناحيه حتي يسقط علي الأرض ويلتقط الحبوب
فتقترب منها مريم وهي تبتسم قائله انتي احلي من الورد اللي بتبعيه
فتنظر اليها الطفله بفرح بعدما فهمت حديثها ممسكه بأحدي الوردات كهديه لها فتقربها مريم اليها قائله الورده الحلوه ديه تستاهل تكون هديه لاحلي بنوته وتشير بأصبعها نحوها اللي هي أنتي
فتلمع عين الصغيره بسعادة لتقربها مريم اليها ثانية بعدما انحنت بجسدها كي تصبح في مستواها وتمد بتلك الورده التي قد حصلت عليها كهديه للتو فتضعها خلف خصلات شعرها الأشقر الناعم قائله انتي حلوه اووي ياحببتي
لتتابعها نظرات ذلك الشخص الذي يجلس عن بعد يتأمل هذه الفتاه العجيبه حتي سقط بعينيه ليراها تخرج بعض النقود وتتأملها ثم تتقاسمها مع الصغيره كما قسمت معها تلك الكعكه فأبتسم وهو يتأملهم رغما عنه
حتي أشاح بوجهه بعيدا عنهما وظل يتابع شريط ذكرياتها حتي قطع تفكيره صوت رنين هاتفه ليتحدث مع المتصل وقتا طويلاا وقبل ان ينهي تلك المحادثه العمليه
سمع صوت صړاخ يحاوطه أجبره بأن
يلتف حوله ليري من اين يأتي ذلك الصوت حتي وقع ببصره علي تلك الفتاه نفسها ولكن هذه المره كانت محاطة بثلاث شباب يبدو عليهم السكر فوقف يتأمله صړاخها لبرهه
ليصل صوت نحيبها العالي وصړاخها اليه بقوة قد جعتله يتحرك اليها وهو لا يعلم هل ما سيفعله دليلا بأن اصله الشرقي مازال في عروقه ام ماذا
وقفت مريم تبكي وتصرخ وهي تراهم يقتربون منها بترنح شديد لتسمع احدهما وهو يقول كم انتي جميله ايتها الفتاه المسلمه اريد ان اخلع ذلك الحجاب عن شعرك لأراكي كاملة ايتها الحوريه
فيضحك الاخر وهو يقذف بداخل جوفه ذلك الحساء الكريهه قائلا هيا ياميكل افعل بها ما شأت انت اولا وسنلحقك
فنظرت حولها تتأمل اي احدا ينجدها من هؤلاء ولكن مازال الوقت مبكرا فتحركت سريعا من امامهم لتركض وفجأة يد أحدهما قد جذبتها بقوه لتطرحها ارضا
لتصرخ به مريم قائلا ابعد عني يا حيوان
فينظر هو الي اصدقائه الاثنان قائلا اشعر انها تسبني هذه الفتاه اللعينه
فألجم فمها بقوه كي يسكت صوت صړاخها لتغمض مريم عيناها وتسبح بدعاء سيدنا يونس لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين وظلت تردده طويلا حتي هبطت دمعة من جفونها وهي تتأمل اعين ذلك السكير ورائحة فمه الكريهه المنبعثه
فتسمع صوت صړاخا وضجيجا يسير حولها وامتدت يد احدهما الي ذلك السكير الاخر الذي قد اطرحها ارضا فتتطلع الي كل
ما يحدث حولها حتي اغلقت عيناها وسبحت في عالم مظلم
لتستيقظ علي لمسات ذلك الطبيب الذي يبدو من لهجته انه سوريا انتي بخير
فتحرك رأسها بأرهاق واعتدلت قائلة پخوف انا فين وايه اللي حصل
فيشير الطبيب بأصبعه علي ذلك الشخص الواقف بعيدا يتحدث في هاتفه لتتأمله للحظات فتري بعض الخدوش علي وجهه وبجانب شفتيه فتنهض ببطئ وهي تتكلم بضعف انا ممكن امشي صح
ليأتي يوسف علي صوتها بعدما أنهي حديثه في الهاتف انتي كويسه
فترفع مريم برأسها الذي أخفضته أرضا عندما تذكرت كل ماحدث فيفهم هو ما يفكر فيه عقلها
يوسف مټخافيش محصلش ليكي حاجه
فتنظر اليه بأعين ترقرقت بها الدموع أنا مش عارفه أشكرك أزاي
ليضحك يوسف قائلا والله انا مش عارف مين اللي يشكر مين ويظل يتفحصها بأعجاب ليقول ثانية تحبي اوصلك
فتتطلع اليه مريم قليلا وكادت أن ترفض ولكن هزت برأسها تعبيرا عن موافقتها عندما تذكرت كل ماحدث لها وسارت من أمامه بخطي بسيطه حتي خرجوا من ذلك المستصف الصغير للطوارئ
فيقترب منها يوسف حتي سار بجانبها انتي مصريه
فأبتسمت وهي تحن الي بلدها وتكره تلك الغربه التي عرضتها لكل هذا ايوه
فيداعب هو ذلك الچرح الذي اخذ موضعا بجانب احد حاجبيه عايشه هنا لوحدك
لتقف مريم فجأة بعد أن أغمضت عيناها بقوه عايشه مع صديقه ليا
فيقف يوسف بدوره لتقول هي أنا مش عارفه اشكرك ازاي
فيبتسم يوسف علي طريقة حديثها الذي اول مره يستشعره في انثي انتي بتعملي ايه هنا يا
فتصمت مريم للحظات قائله وهي تكمل سيرها اسمي مريم اما انا هنا ليه عشان اشتغل
فيعود يوسف لسيره مرة اخري وهو يضع بكلتا أيديه في جيوب بنطاله الرياضي فتنظر هي الي تلك الحافله القادمه قائله بأمتنان انا هنا هقدر اكمل طريقي شكرا استاذ
فيبتسم يوسف ابتسامة بسيطه وهو يتطلع اليها مودعا اياها يوسف
ويقف يتأملها وهي تسير نحو الحافله البسيطه لعامة الشعب في تلك البلده فأغمض عيناه وهو يتنهد بنت غريبه اووي
في داخل موطنا الحبيب بعيدا عن تلك الغربه !!
جلس أحمد يتطلع في هاتفه بتأفف وهو جالس بسيارته امام بناية خطيبته فنظر الي ساعته بضيق حتي وجدها تصعد السياره جانبه قائلة بدلع هتوديني فين بقي ياحبيبي
فأبتسم أحمد بخبث وهو يميل نحوها كي يقبل أحد خديها اي مكان حبيبي يختاره
وسار بسيارته السوداء الفارهه التي قد حصل عليها قسطا من ذلك البنك الذي يعمل به فحل الصمت بينهم قليلا قبل ان يقول هو هي بنت خالك سافرت كندا
فيمتقع وجه أروي عندما ذكرها بتلك البغيضه التي تكرهها يادي ست مريم ديه
فيلتف اليها أحمد بطرف عينيه قائلا وهي عايشه مع مين هناك انا اللي اعرفه ان خالك محسن سافر أمريكا وصفا كل تعاملته ورأس ماله في كندا
فتصرخ به أروي قائله ايه يا احمد ما تراعي احساسي مش معقول اكون معاك وتفتكرلي ست مريم ولا انت من ساعة ماشوفتها أعجبت بيها
فأوقف أحمد سيارته جانبا في احد الاماكن الهادئه والمظلمه قائلا ياحببتي انتي عارفه ان سؤالي مقصدش بي حاجه مجرد سؤال ياستي اوعي تتعصبي وتضيقي بقي لاحسن مفجأتي هلغيها
فتقترب منه أروي لتداعب بشړة خديه بأناملها قولي بقي يامودي هنروح فين
فيبتسم أحمد أروي انا هعمل حاجه بس متزعليش مني ماشي
لتفتح أروي عيناها ببطئ بعدما استعادت انفاسها التي هربت منها اللي هو ايه !
فتنهد أحمد قليلا قائلا اننا نعمل اي حاجه عايزين نعملها من غير ما نفكر في الناس ومجتمعنا بتفكيره العقيم والمتخلف
لتنظر اليه اروي طويلا
فيكمل أحمد بحديثه قائلا وفيها ايه يا اروي وكمان ياحببتي انا مش عايز اضيع لحظه واحده من عمرنا سوا قبل الجواز او بعده لازم نعيش حياتنا من غير عقد او تخلف
لتحرك هي برأسها له تأكيدا علي كلامه قائله عندك حق ياحبيبي
ايه هي بقي المفاجأه يا حبيبي
فيتأملها
أحمد بخبث بعدما ألتقط احد أيديها ليقبلها هنروح الديسكو عشان نرقص
لتضع أروي بيدها علي حجابها الملفوف علي صيحات الموضه وخصلات شعرها تخرج منه هنروح الديسكو بالحجاب عادي مش هيبقي منظري وحش
فيضحك أحمد
فتتأمله أروي طويلا غير مدركه ما يقصده مش فاهمه انت تقصد ايه ياحبيبي
فيميل احمد علي احد اذنيها بمووت فيكي ياحببتي
فتتسلل كلمات ذلك الشرقي داخل أذنيها كما يتناثر الهواء وتصبح للدنيا عالم خاص بهم يحللون فيها الحړام وكأنه هو الحلال وينظرون للحلال وكأنه هو من يكبت حريتهم ولكن كما سنتفاوت في درجات الجنه بعقولنا المتيقنه بأن كل ما يمنعنا عنه الخالق هو من
أجل جزائنا بجنته في النهايه سنتفاوت أيضا في درجات الڼار بعقولنا التي تبحث عن الحړام لكي ترضي اهوائها
أقتربت ريما منها بأشفاق وهي تري أرتعاش جسدها القوي قائله مريم فيكي ايه من ساعة مارجعت من المطعم وانا لقياكي علي الحال ده انتي ليه مروحتيش المطعم جون اللعېن ما هيصدق
لترفع مريم وجهها من بين ساقيها انا عايزه أرجع مصر يا ريما
فتتأملها ريما قليلا قائله هترجعي لمين لجوز امك اللي مش عايزك في بيته وامك ڠصب عنها مش قادره تقول حاجه عشان متخسرش حياتها وولادها التانين ولا لعمتك اللي طردتك عشان خاڤت هي وبنتها لتسرقي خطيب بنتها ولا عمك اللي كلمك مره وقالك هيبعتلك تذكرة طياره ع لأمريكا عشان تيجي تعيشي معاه وبعدين مسألش فيكي حتي رقمه غيره هترجعي لمين قوليلي
لتتطلع اليها مريم طويلا قائلة بضعف وخوف انا تعبانه اووي ياريما اول مره احس اني ضعيفه اوي قدام الدنيا طول عمري بقول لنفسي لازم اقف