رواية أصقلها الشيطان بقلم سماح سماحه
المحتويات
تعيشي من غيري.
أبتسمت سدرة ساخرة من بين دموعها.
مين قالك كدا ما انا كنت عايشة من غيرك وكنت سعيدة ومبسوطة قوي لولا أنت جيت وحرمتني من السعادة دي.
هز هارون رأسه بنفاذ صبر.
أنت كنت عايشة عيشة مش عيشتك وكنت بتقنعني نفسك أنك سعيدة لأنك بتشتغلي وتشقي وتسعدي حد محتاجلك منكرش أنك كنت بتبقي سعيدة بس مش دي السعادة اللي أنت محتاجها لأنك واخدة دور مش دورك ووقت ما يخلص وقت دورك فيها هترجعي تعيسة وحزينة لأنك محتاجة تريحي قلبك وقلبك عمره ما هيرتاح غير مع اللي بيحبه.
اللي كان بيحبه دا هو أتخلى عنه في عز أحتياجه له.
أغمض هارون عينيه وزفر بقوة.
عمري ما تخليت عنك وعمري ما هتخلى والحاجة الوحيدة اللي هتخليني أتخلى وأبعد عنك هى المۏت.
رفعت سدرة رأسها لأعلى وقالت بإباء.
لكن انا هبعد عنك ولو فكرت تقرب مني انا اللي هروح للمۏت بنفسي لأني بكرهك ومش قادرة اسامحك ومش عايزاك في حياتي وكل ما تفهم دا اسرع كل ما يكون أفضل ليك وليا.
حاضر يا سدرة انا هبعد عنك وأوعدك مش هخليك تشوفي وشي تاني عشان أريحك.
ثم حمل سترته وخرج من منزلها يغلق الباب خلفه بقوة أنهارت سدرة باكية على الأرض وظلت فترة تنتحب حتى نفذت دموعها وجفت عيناها كما جفت معاها مشاعرها ونهضت بعدما شعرت بالبرد يغزو عظامها ويبس عضلاتها فجعلها ترتعش وبحثت بعينيها عن وشاح خالتها لتلتحف به عله يقلل أرتجافها رأت باقة الزهور التي أحضرها هارون تقبع على الطاولة
الجزء الثامن
عدة أسابيع مضت على سدرة مكثتهم في المنزل حرمت على نفسها الخروج وكانت معظم الوقت تسجن نفسها بغرفتها حتى تكف خالتها عن مطالبتها بالذهاب معها حيث تعمل فميسرة لم تخبرها بعد بمكان عملها فهى تريد مفاجأتها بتلك المفاجأة التي ستفرحها وتسر خاطرها حين تراها ورغم عناد سدرة وأصرارها على عدم الخروج حتى لا تلتقي بهارون ولو مصادفة الإ أن ميسرة صبرت عليها حتى تأخذ كامل وقتها لتكون مستعدة ولا تلومها بعد ذلك قررا زهرة وميسرة أقامت حفل بمناسبة تكريم الدار وحصولها على لقب أفضل دار لرعاية الأيتام هذا العام من وزارة التضامن الاجتماعي وساعدهما هارون في أعداد حفل كبير يليق بأسمه وأسم الدار أخبرت ميسرة سدرة بالحفل الذي سيقام بمكان عملها وطلبت منها حضوره برفقتها في البداية تعجبت سدرة وسألت ميسرة.
نظرت لها ميسرة وعلى وجهها ابتسامة عذبة.
ما هو أنت لو تعرفي انا شغالة فين هتعرفي هو وافق ليه.
عقصت سدرة حاجبيها متعجبة.
ليه أنت بتشتغلي فين يا ماما.
هزت ميسرة رأسها تمتنع عن إجابتها.
مش هقولك فين لأنها مفاجأة مش هتعرفيها غير يوم الحفلة.
ضيقت سدرة عينيها محاولة سبر أغوارها.
تنفست ميسرة بعمق وسعادة.
بصي كل اللي أقدر أقوله ليك أن شغلي ده ميقلش عن الشغل في الحرمين ثواب لأنه حاجة النبي صلى الله عليه وسلم وصانا بيها.
شردت سدرة تفكر في ماهية هذا العمل لكن ميسرة لم تمهلها الوقت وأمسكت يدها تسحبها خلفها.
ثم أمسكت علبة من الورق المقوى تخص إحدى دور الأزياء الشهيرة ترفع غطائها وتخرج منه فستان ستان لونه أوف وايت خفق قلب سدرة فتلك العلبة تشبه ما كان يحضرهم لها هارون سابقا فنظرت لخالتها بضيق.
انا مش هلبس الفستان دا يا ماما.
زوت ميسرة حاجبيها بدهشة.
ليه يا حبيبتي مش عجبك.....
هزت سدرة رأسها بنفي.
مش حكاية مش عجبني انا مش هلبسه لأن هارون هو اللي جايبه.
أشارت لها ميسرة بسخرية.
هارون ههههههه..... هارون مين يا حبيبتي اللي جايبه دا انا اللي أشتريته ليكي لما شوفته وعجبني لما روحت انا وأم حمدي نشتري لينا فساتين أمبارح وبعدين هو هارون هنا أصلا ولا بقى فاضيلك ما خلاص جت اللي شغلت باله وخدته لنفسها وخلته نسي نفسه.
نظرت لها سدرة بلامبلاة.
تقصدي أيه يا ماما.
يا حبيبتي هارون بقاله اسبوعين في أمريكا بيفتتح فرع لمجموعته هناك وعارفة مين اللي هتمسك ليه الفرع ده واحدة صاحبته وزميلته في الدراسة دا غير أن عيلتها وعيلة هارون كانوا جيرانهم زمان أسمها شاهندة بس أيه لو شوفتيها حاجة كدا صاروخ على رأي شباب اليومين دول.
هزت سدرة رأسها بسخرية مبطنة بالڠضب.
تشبع بيه ويشبع بيها مش فارق معايا أصلا.
أبتسمت ميسرة بضيق.
عارفة أنه مش فارق معاكي المهم هتحضري الحفلة ولا لأ.
أمسكت سدرة الفستان من خالتها تطالعه وداخلها شك أن هارون هو من أختاره لها فذلك ذوقه هو لكن خالتها أقرت أنها هى من ابتاعته لإجلها لذا نظرت لخالتها وسألتها.
هارون هيحضر الحفلة دي.
أومأت لها ميسرة.
أه هيحضر هو وشاهي..... يوه قصدي شاهندة دي خالته هتتكرم زي ما انا كمان هتكرم وهو قال لينا أنه لازم يحضر لأن الوزير جاي هو كدا كدا راجع بكرة من السفر والحفلة بعد أربع أيام.
شردت سدرة وهى تؤكد لخالتها حضورها الحفل.
وانا كمان هحضر يا ماما أن شاء الله.
وداخلها يموج بحزن لاح في أفق قلبها جعل ڼار الغيرة تتقد وتشعل الڠضب داخل أوردتها وحدثت نفسها.
خليني أشوف حبيبة سي هارون الجديدة اللي نسته نفسه وأما نشوف مين أحلى انا ولا هى.
قضت سدرة تلك الأيام القليلة الباقية تتقلب على جمر مشتعل حرمها النوم والراحة والأمان وأبقاها ساهدة تفكر وتسأل نفسها هل وجد هارون راحته وسكنه مع غيرها فعلا
أم أن خالتها تبالغ وتقول ذلك حتى تجعلها تعود لكنف زوجها وحبيبها نعم هو حبيبها فمهما أنكرت أمامه ذلك بسبب ڠضبها منه الإ أنه لا يزال حبيبها ومالك فؤادها الذي سكن قلبها وأبقاه له وحده وحرم على غيره دخوله في يوم الحفل أستعدت سدرة وتأنقت بصورة مبالغ فيها حتى لا تفوز تلك الحرباء في طلتها عليها وستثبت لهارون ولخالتها أنها مازالت قادرة على خطڤ أنفاسه كما أعتادت منذ أن رأها أول مرة وبعد أذان المغرب بساعة جاء سائق هارون بسيارته لكي يقلها كما طلبت من خالتها عند ذهابها لعملها صباحا وحين وصل بها لبوابة الدار ولمحت تلك اللوحة الكبيرة المعلقة عليها لم تصدق ما قرأته بها وطلبت من السائق التوقف حتى تتأكد مما رأت.
استنى يا عم فايز وقف العربية بسرعة.
اطاع فايز أمرها وبعد توقفه نظر لها يسألها.
خير يا ست سدرة فيه حاجة حصلت.
أشارت سدرة برأسها لأعلى.
أيه اللي مكتوب على اليافطة ده.
أبتسم فايز وأومئ لها يؤكد لها ما رأته.
دي دار أيتام هارون بيه عملها ليك وقت ما أختفيتي من سنة وسماها على أسمك يا ست سدرة أصله كان زعلان وحزين قوي عليك ما هو معندوش أغلى منك يا بنتي ربنا يهدي سركم ويجمعكم من تاني على خير.
رفعت سدرة رأسها لأعلى تنظر عبر نافذة السيارة على اللوحة بعدما خفق قلبها لإجله ونبض حبه مجددا داخله وبقيت عيناها تعيد طبع ما كتب عليها وتنسخه في عقلها حتى تكون بمثابة الرادع الذي سيوقف هجومه عليه كلما حن قلبها له زفرت سدرة بقوة وطلبت منه التقدم.
ماشي يا عم فايز أتفضل يلا أدخل بينا.
أستدار فايز يحرك عجلة القيادة ويتجه بالسيارة لداخل الدار وتوقف بها في الممر المسموح به ونزلت سدرة ترفع فستانها من أسفل قليلا حتى لا يتسخ ذيله وخطت لتلك الناحية الذي أشار لها فايز عليها فوجدت الحفل يقام في باحة الدار الخلفية فمساحتها الكبيرة مكنتهم من ڼصب الألعاب الكبيرة التي فرح بها أطفال الدار كثيرا وسارعوا للعب فيها بسعادة بالغة كما أقاموا منصة لإلقاء كلمات الترحيب والتكريم وقفت سدرة تنظر بأنبهار من روعة ما تراه وتفاجأت حين سلط عليها بؤرة الضوء وأصبحت محط أنظار الجميع ووقفت زهرة على المنصة تشير عليها بفخر.
ياريت كلكم ترحبوا معايا بمدام سدرة صاحبة دار سدرة لرعاية الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة.
أسرعت الأطفال نحوها يحيطون بها ويحتضونها جميعهم في وقت واحد وهم يهتفون.
ماما سدرة...... ماما سدرة....... جيتي من السفر أمتى.
أيه رأيك في المفاجأة دي يا حبيبتي عرفتي ليه بابا حسان سابني اشتغل.
تجرعت سدرة حلقها وهزت رأسها بتفهم.
عرفت يا ماما ليه خبيتي عليا ومعرفتنيش بالجمال والروعة دي.
أبتعدت ميسرة تمسح على كفها.
كان نفسي تحسي بالفرحة اللي حستها أول مرة جيت فيها لهنا وشوفت المفاجأة دي.
أومأت سدرة لها بتفهم.
عندك حق يا ماما الفرحة اللي حستها دلوقتي تساوي كل لحظة حزن عشتها في حياتي ومش بس كدا دي تساوي حياتي كلها كمان.
أمسكت ميسرة يدها وهى تطلب من الصغار العودة للعب وترك سدرة ترتاح قليلا ثم سحبتها خلفها حيث توجد زهرة ووزير الشؤون الاجتماعية الذي جاء من أجل تكريمهم ووقفت ميسرة تقدمهم لها ثم بعد ذلك جلسوا يتابعون باقي فقرات الحفل كانت سدرة تختلس النظرات كل عدة دقائق في أتجاه مختلف باحثة عنه فالجميع كان متواجدا الإ هو شعرت ميسرة وزهرة بها وبتوترها وبحثها عنه فأبتسماتا لبعضهما وغمزنا بطرف عيناهما وبدءا في تنفيذ مخططهما للإيقاع بها في الشرك.
قوليلي يا أم حمدي فين هارون مجاش ليه.
زفرت زهرة بقوة مدعية الضيق.
كان جاي ومن بدري كمان بس هنعمل ايه بقى في سهوكة ودلع البنات.
ثم نظرت لسدرة وعبثت ملامحها بحزن.
قال أيه شاهندة
رجلها اتلوت ومش قادرة تدوس عليها فخدها على المستشفى يطمن عليها ولسه مجاش لغاية دلوقتي.
أفتعلت ميسرة صوت بفمها يدل على سخريتها.
مصم....... قال أتلوت قال دي حركات انا عارفها كويس دي تلاقيها بتدلع عشان تمشي اللي في دماغها ومتخليهوش يجي الحفلة.
حاولت السدرة التماسك أمامهما وعدم أظهار ڠضبها وتوترها لكن فورة الغيظ التي تملكت منها جعلتها تنهض تستأذن منهما للذهاب إلى المرحاض وهناك تركت دموعها تنزل حتى لا ټنفجر بينما نظرت زهرة لميسرة بعتب.
قولتلك بلاش يا ميسرة البنت هتزعل لكن أنت
مسمعتيش كلامي واهو البت مستحملتش وكمان هارون لو عرف اللي عملاناه هيزعل مننا جدا.
هزت ميسرة رأسها بإصرار.
لأ هارون مش هيزعل بالعكس دا هيفرح لما يلاقيها لسه بتحبه وبتغير عليه وكمان انا عارفة بنتي كويس عنادية ودماغها ناشفة وهتفضل ترفض أي صلح بينهم لغاية ما تضيع جوزها من إيدها ما هى طول ماهي ضمنه أن هارون مش هيبص لغيرها هتفضل تبعد عنه أنما لما تلاقي غيرها بتاخده منها هتفوق لنفسها وترجع لجوزها بقى اسكتي
متابعة القراءة